في خضم التوتر المتصاعد في قطاع غزة، ومع تعقد المشهد الميداني والسياسي على حد سواء، تتزايد المؤشرات على أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبحث عن دعم أمريكي واضح قبل الإقدام على خطوات عسكرية جديدة.
وتكشف التقارير الأخيرة عن تحركات إسرائيلية متسارعة في هذا الاتجاه، وسط مراجعة دقيقة للحسابات بعد الأحداث الأخيرة في رفح جنوبي القطاع.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور جهاد أبو لحية، أستاذ القانون والنظم السياسية الفلسطينية، إن يظهر تمسك رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بتعطيل تنفيذ الاتفاق القائم، امتدادا واضحا لسياسة إسرائيلية راسخة تقوم على المماطلة وخرق التفاهمات والاتفاقيات الدولية كلما تعارضت مع مصالحها الآنية.
وأضاف أبو لحية- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن هذا الإصرار لا يعكس فقط موقفا سياسيا متشددا، بل يجسد ذهنية استعمارية تعتبر الالتزامات القانونية والدبلوماسية أدوات مؤقتة يمكن تجاوزها متى ما اقتضت الضرورة، معقبا: "فإسرائيل، منذ تأسيسها، دأبت على استخدام الاتفاقات كوسيلة لشراء الوقت أو تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي، دون نية حقيقية لاحترام بنودها أو تنفيذها بالكامل".
وأشار أبو لحية، إلى أن لم يكن اتفاق شرم الشيخ للسلام مجرد تفاهم يهدف إلى وقف إطلاق النار أو إنهاء حرب الإبادة التي تعرض لها قطاع غزة، بل جاء كخطوة استراتيجية تسعى لتحقيق سلام مستدام في المنطقة بأسرها، وتهيئة بيئة تهدئة شاملة في الشرق الأوسط، تقوم على أسس العدالة والاستقرار الإقليمي.
واختتم: "مر الاتفاق بعدة مراحل تنفيذية، بدأت بمرحلة تبادل الأسرى وإعادة رفات الجنود الإسرائيليين، وتشير المعطيات إلى أن هذه المرحلة الأولى أوشكت على الانتهاء بفضل الجهود المصرية المكثفة، التي لعبت دورا محوريا في تسريع الإجراءات، رغم الصعوبات الميدانية الهائلة التي خلفها القصف الإسرائيلي العنيف على غزة، وقد ساهمت القاهرة، من خلال اتصالاتها المكثفة ومبادراتها الدبلوماسية، في تذليل العقبات ودفع الأطراف نحو تنفيذ بنود الاتفاق خطوة بخطوة".
ومن جانبه، كشف مراسل موقع "أكسيوس" الأمريكي، باراك رافيد، أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى للتواصل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهدف الحصول على ضوء أخضر لتنفيذ رد عسكري جديد في قطاع غزة.
وأوضح رافيد أن التطورات الميدانية في رفح ربما غيرت حسابات نتنياهو بشأن طبيعة الرد أو توقيته، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه لا توجد مؤشرات على أن نتنياهو تحدث مع ترامب قبل البيان الذي أعلن فيه عن تنفيذ ضربات جديدة ضد أهداف في القطاع.
وفي سياق متصل، أفادت هيئة البث العبرية، بأن السلطات الإسرائيلية أصدرت قرارا بتوسيع المنطقة التي تسيطر عليها داخل قطاع غزة، وذلك في إطار إجراءات عقابية ضد حركة "حماس".
ونقلت الهيئة عن مسؤول مطلع أن رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو يبحث حاليا تنسيق هذه الخطوة مع مسؤولين أمريكيين لتحديد كيفية تنفيذها ومداها الميداني.
وجاء في بيان صادر عن ديوان حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أن نتنياهو وجه القيادة العسكرية، عقب انتهاء مشاوراته الأمنية، إلى تنفيذ ضربات قوية ومركزة في قطاع غزة.
من جانبها، نقلت هيئة البث العبرية عن مسؤول أمني قوله إن نتنياهو سيحدد شكل الرد النهائي على ما وصفه بـ"خرق حماس للاتفاق"، وذلك بعد التشاور مع الإدارة الأمريكية لتفادي أي توتر سياسي مع واشنطن.
وفي سياق مواز، ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية أن إسرائيل تدرس خمسة خيارات رئيسية في حال عدم إعادة رفات أسراها المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة.
ونقلت الصحيفة عن خبراء في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن الحكومة تعمل على بلورة بدائل إذا ما استمرت حماس في رفضها للمطالب المتعلقة بإعادة الرفات.
وبحسب الصحيفة، فإن الخيارات الخمسة التي يجري بحثها من دون ترتيب محدد ، تشمل:
- توسيع نطاق السيطرة العملياتية داخل القطاع.
- التصعيد العسكري المباشر.
- تنفيذ عملية خاصة لانتشال رفات الأسرى.
- تكثيف الضغط الدبلوماسي على حماس عبر وسطاء دوليين.
- إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار القائم حاليا.
والجدير بالذكر، أن تؤشر هذه التطورات المتلاحقة إلى مرحلة جديدة من التصعيد المحتمل في غزة، في ظل محاولات إسرائيلية للحصول على دعم أمريكي مسبق قبل اتخاذ أي خطوة كبرى.
بينما تواصل حكومة نتنياهو إعادة رسم خطوط المواجهة، تبقى رفح وملف الأسرى محورين أساسيين في رسم ملامح المرحلة المقبلة من الصراع.


















0 تعليق