قيدت السبت، في سجلات المحكمة الدستورية العليا المصرية، أول دعوى تطعن في دستورية قانون تنظيم أوضاع الإيجار القديم رقم 164 لسنة 2025، بعد أن صرحت محكمة شمال الجيزة الابتدائية لورثة المواطن حاتم السجيني بإقامتها، على خلفية نزاع قائم بينهم وبين مالكة العقار محل إقامة الأسرة.
ويعد هذا الطعن أول مواجهة قانونية مباشرة لنصوص القانون الجديد، الذي أثار جدلاً واسعاً منذ صدوره في أغسطس الماضي، في وقت يسعى فيه المشرع لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بعد عقود من العمل بقوانين استثنائية صدرت منذ ستينيات القرن الماضي.
قانون الإيجار القديم
صدر قانون تنظيم أوضاع الإيجار القديم في ضوء الحاجة الماسة إلى ضبط العلاقة بين المستأجرين والملاك بعد عقود من التمديد والإعفاءات الاستثنائية التي أعطت المستأجرين بعض الحقوق التي غالباً ما كانت تحد من قدرة المالك على إدارة ممتلكاته.
واستهدف القانون الجديد تحقيق توازن بين حماية المستأجرين وضمان حقوق الملاك في الوقت ذاته، من خلال تحديد مدد انتقالية واضحة لإخلاء العقارات وإعادة تحديد الأسعار بما يتوافق مع ظروف السوق الحالية، مع الأخذ في الاعتبار الضمانات الدستورية للحق في السكن.
على مدار الأشهر الماضية، شهدت مصر نقاشات واسعة بين الملاك والمستأجرين ووسائل الإعلام حول القانون، خاصة حول المادتين الثانية والسابعة، اللتين تمثلان محور الخلاف الرئيس. المادة الثانية تحدد فترة انتقالية مدتها سبع سنوات للأماكن السكنية وخمس سنوات لغير السكنية قبل انتهاء عقود الإيجار، بينما تنظم المادة السابعة حالات الإخلاء وإجراءات استصدار قرار بالطرد من قاضي الأمور الوقتية عند تحقق أي شرط من شروط ترك العين مغلقة لمدة سنة أو امتلاك المستأجر وحدة بديلة صالحة للاستخدام.
تفاصيل الدعوى الدستورية
تستند الدعوى المقدمة إلى أن تحديد إنهاء العقود بمدد انتقالية "يمس مبدأ سلطان الإرادة"، ويخالف قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين"، كما تدفع المتظلمون بأن أحكام المادة السابعة من القانون المطعون فيه تمس الضمانات الدستورية للحق في السكن الوارد في المادة 78 من الدستور.
وبحسب الإجراءات القانونية، ستحال الدعوى إلى هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا لتحضيرها، وسماع ملاحظات أطرافها، تمهيداً لإعداد تقرير بالرأي القانوني قبل عرضها على هيئة المحكمة للفصل فيها.
التأثيرات المتوقعة للقانون
من المتوقع أن يؤدي القانون إلى إعادة هيكلة العلاقة بين المستأجرين والملاك تدريجياً، مع منح فترة انتقالية للمستأجرين لتجنب حدوث صدمات اجتماعية أو اقتصادية مفاجئة. كما يعكس القانون رغبة الحكومة في توحيد قواعد الإيجار القديم بعد سنوات من الالتباس التشريعي، وإعادة تفعيل حق الملاك في إدارة ممتلكاتهم بالشكل الذي يضمن لهم العوائد المالية المشروعة.
ورغم الدعم الحكومي للقانون، تستمر المناقشات حول مدى توافقه مع الدستور، خصوصاً في ما يتعلق بحق السكن وحقوق المستأجرين المكتسبة على مدى عقود طويلة. وتبقى الدعوى الحالية أمام المحكمة الدستورية العليا خطوة مهمة لرصد مدى دستورية القانون وإمكانية تعديل بعض مواده لضمان التوازن بين الحقوق والواجبات.
وتظل الدعوى القضائية الأولى ضد قانون الإيجار القديم مؤشراً على حجم الجدل المستمر بين الملاك والمستأجرين في مصر، ومدى تعقيد الملف القانوني والاجتماعي المرتبط بحق السكن في البلاد.
وبينما يتابع الجميع موقف المحكمة الدستورية العليا، يبقى القانون نافذاً وواجب التنفيذ، ما يعكس رغبة الدولة في تنظيم العلاقة بين الأطراف المختلفة على نحو قانوني متوازن، مع احترام الحقوق المكتسبة والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
أول طعن في دستورية قانون الإيجار القديم
ومن جانبه، قال رئيس اتحاد ملاك عقارات الإيجار القديم، مصطفى عبدالرحمن، إن "التقاضي حق مكفول لكل مواطن، والقانون يتيح لكل فرد التقدم بالطعن إذا رغب في ذلك.
وأضاف عبدالرحمن في تصريحات لـ “صدى البلد”، أنه بخصوص هذه الدعوى، فهذا أمر طبيعي ولا يوجد فيه أي مشكلة، لكنه لا يعني بالضرورة قبولها من قبل المحكمة الدستورية، حيث سيقوم القضاة والمستشارون بمراجعتها لتحديد ما إذا كانت مقبولة أم لا.
ولفت عبدالرحمن إلى أن "قانون الإيجار القديم، قدمته الحكومة إلى المجلس التشريعي وعُرض على اللجان المختصة، منها اللجنة التشريعية ولجنة الإسكان، ولم يكن على المشروع أي غبار، وتم التصديق عليه بعد إطلاع المجلس والملاك والصحافة وجميع فئات المجتمع عليه.
وأكد أن المستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب المصرى، هو رئيس أعلى سلطة قضائية، أن من المستحيل أن يصدر قانون به عوار دستوري.
وتابع قائلًا إن ما يحدث الآن هي مجرد مناوشات من بعض المحامين، ولفت إلى أنه رغم ذلك يوجد مؤشرات جيدة تتمثل في تقدم بعض المستأجرين عبر المنصة التي أتاحتها الدولة للتقديم على وحدات سكنية بديلة، مشيرًا إلى أنه رغم اعتراض الملاك على القيمة المتدنية وفترة السبع سنوات، إلا أن الجميع وافق على القانون مراعاة للإرادة السياسية.
واختتم عبدالرحمن قائلًا إن القانون السابق الخاص بالأراضي الزراعية رقم 164 وهو حالة مشابهة لقانون الايجار القديم، مر بنفس المراحل، ونجح في النهاية.

















0 تعليق