بعد أكثر من سبعة عقود من التساؤلات حول السر الذي يجعل الهالة الشمسية أكثر سخونة بملايين الدرجات من سطح الشمس نفسه، تمكن فريق دولي من العلماء أخيرا من تقديم تفسير علمي مدعوم بالأدلة البصرية المباشرة.
لغز ظل يؤرق العلماء منذ الأربعينيات
منذ أربعينيات القرن الماضي، حير العلماء التفاوت الحراري الغريب بين سطح الشمس، الذي لا تتجاوز حرارته 5500 درجة مئوية، وبين هالتها الخارجية التي تصل إلى ملايين الدرجات المئوية.
وقد افترضت نظريات عدة أن موجات ألففين المغناطيسية قد تكون السبب وراء هذه الظاهرة، لكن غياب الأدلة المباشرة جعلها فرضية غير مؤكدة لعقود طويلة.
اكتشاف موجات "ألففين الالتوائية" الصغيرة
الاختراق العلمي الجديد جاء عبر رصد موجات ألففين الالتوائية صغيرة الحجم وهي تتحرك في جميع أنحاء الهالة الشمسية.

هذه الموجات، التي تنتقل عبر الحقول المغناطيسية للشمس وتلتف أثناء حركتها، تنقل الطاقة من السطح إلى الطبقات العليا، مما يؤدي إلى تسخين الهالة إلى درجاتها القصوى.
حتى وقت قريب، كان العلماء قد رصدوا فقط موجات ألففين كبيرة ومعزولة تحدث بالتزامن مع التوهجات الشمسية، بينما ظل وجود الموجات الصغيرة مجرد نظرية.
تلسكوب هاواي يكشف السر
تمكن الباحثون من تحقيق هذا الاكتشاف بفضل الصور عالية الدقة التي التقطها تلسكوب دانيال ك. إينوي الشمسي، التابع للمؤسسة الوطنية للعلوم الأمريكية في هاواي، وهو الأقوى من نوعه في العالم.
وقد رصد التلسكوب حركة البلازما الشمسية عبر تتبع انبعاثات الحديد فائق الحرارة، التي ظهرت بلون أزرق عند اقترابها من الأرض، وأحمر عند ابتعادها.
بعد إزالة التشويش الناتج عن الحركات التذبذبية الأخرى للبلازما، تمكن الفريق من رؤية الالتواءات المغناطيسية الدقيقة التي ظلت خفية طوال عقود.
تأثيرات تمتد إلى الأرض
يشير الباحثون إلى أن هذه الموجات الصغيرة قد تلعب دورا رئيسيا في توليد القوى التي تدفع الرياح الشمسية، وتساعد الهالة على بلوغ حرارتها الشديدة.

ويؤكد العلماء أن فهم هذه العمليات سيساعد على تحسين توقعات الطقس الفضائي، وتقديم تحذيرات أدق من العواصف الجيومغناطيسية التي قد تهدد الأقمار الصناعية وشبكات الطاقة على كوكبنا.
آفاق جديدة للبحث
بعد هذا الاكتشاف، يخطط الفريق العلمي لمواصلة دراسة آليات انتشار موجات ألففين بدقة أكبر عبر مناطق أوسع من الهالة الشمسية، مع اختبار نماذج نظرية أخرى حول طبيعة التسخين الشمسي.
مصدر الدراسة
نشرت نتائج البحث في دورية Nature Astronomy العلمية، في خطوة وصفت بأنها من أهم الاكتشافات الشمسية خلال العقود الأخيرة، إذ قد تغير الطريقة التي نفهم بها ديناميكية النجم الأقرب وهو الشمس.












0 تعليق