أكد الكاتب والروائي السوري سومر شحادة، الحاصل على جائزة نجيب محفوظ للرواية العربية، أن تجربته الأدبية نشأت من رحم الواقع السوري، مشيراً إلى أن الهوية الاجتماعية في المنطقة تخضع لـ«معادلات متغيرة»، ومشدداً على أن الأدب الجيد ينبغي أن يستند إلى معيار الفن قبل أن يتكئ على الواقع.
وأرجع شحادة في حوار لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط لمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الرابعة والأربعين، أسباب اختياره لنشر رواياته في مصر، الى أن السوق المصرية تمثل بالنسبة له أفقاً حقيقياً للكتابة والقراءة العربية، قائلاً: «في مصر، ثمة مجتمع قراءة حقيقي، قارئ يذهب إلى الكتاب بفضول وشغف، ويمنحه وقته وتأملاته، وهذا ما يجعلها من أهم البيئات الثقافية في العالم العربي».
وأكد أن مصر ليست فقط سوقاً للنشر، بل ذاكرة حيّة للأدب العربي ومختبراً دائماً للأفكار والتجارب الإبداعية، مشيراً إلى أن القاهرة ما زالت تُشكّل مركز إشعاع ثقافي وأدبي في المنطقة.
وأوضح أن تعاونه مع دار الكرمة للنشر في القاهرة جاء لوعيه بثراء التجربة المصرية في احتضان الأدباء العرب وإتاحة أعمالهم لجمهور واسع من القرّاء، مؤكداً أن المصريين «يقرأون بوعي نقدي، ويمتلكون حسّاً أدبياً راقياً يتيح للكاتب أن يختبر أثر كلماته في وجدان متنوع».
وأشار شحادة إلى أن كتبه متاحة في معظم معارض الكتب العربية، باستثناء سوريا حتى الآن، مضيفاً: «أشعر بالأمان حين تصدر أعمالي في مصر، لأنها بلد يقدّر الكلمة الحرة ويحتفي بصوت الكاتب، كما أن فيها بنية نشر وتوزيع راسخة، تتيح للكتاب أن يصل إلى قارئه الطبيعي في العالم العربي».
وأشاد شحادة بالتنظيم المتميز لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، واصفاً إياه بأنه واحد من أهم المنصات الثقافية في العالم العربي، لما يقدّمه من مساحة لقاء حقيقية بين الكتّاب والقراء والناشرين من مختلف أنحاء العالم.
وأعرب عن تقديره الكبير لرؤية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي جعلت من الشارقة عاصمة دائمة للثقافة العربية ومركزاً مضيئاً للحوار الفكري والأدبي، مؤكداً أن المعرض يشكل تجربة معرفية وإنسانية ثرية لكل من يشارك فيه أو يزوره.
وقال شحادة، إنه عاش الحرب ولم يرها من بعيد، مفضلاً تصويرها في أعماله عبر «التفاصيل» لا «العناوين الكبيرة»، معتبراً أن الأدب الحقيقي هو الذي يصوّر شخصيات إنسانية معقدة صنعتها الحرب ويصعب الحكم عليها بشكل مطلق.
وأضاف أنه اتخذ قرار احتراف الكتابة في سنته الجامعية الثالثة لدراسة هندسة الاتصالات والإلكترونيات، معتبراً أن الكتابة كانت خياره المصيري.
وتحدث شحادة عن بداياته الأدبية، موضحاً أنه كان قد أعدّ رواية رومانسية عام 2012، لكنه قرر تأجيل نشرها.. مؤكدا أن الجوائز التي حصدها زادت من إحساسه بـ«مسؤولية الكلمة»، قائلاً: «أبحث اليوم عن أثر أوسع، لكنه أثر أعمق».
وعن اختياره مدينة اللاذقية مسرحاً لأحداث أعماله، قال الكاتب: «الموضوعات هي التي تختارنا، ونحن لا نختارها»، مشيراً إلى أن روايته الجديدة «الهجران» ستصدر قريباً عن دار الكرمة في مصر لتكتمل بها ثلاثية اللاذقية، بعد روايتيه «الآن بدأت حياتي» و«بيوت الأمس». ومعربا عن إعجابه بالأدب العربي المعاصر.
وفي ختام حديثه، عبّر شحادة عن تحفظه تجاه استخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة الرواية، معتبراً أن الكتابة «صوت داخلي وصورة للعالم الإنساني العميق، لا يمكن للآلة أن تحاكيه».
سومر شحادة كاتب وروائي وصحفي سوري، وُلد في مدينة اللاذقية الساحلية عام 1989. بعد أن درس هندسة الإلكترونيات والاتصالات، حوّل شغفه نحو الصحافة، حيث قدّم مساهمات بارزة في المشهد الثقافي العربي. كتب في عدد من الصحف والمجلات والمواقع المرموقة.
برز شحادة كأحد أبرز الأصوات الشابة في الأدب السوري المعاصر، حيث يتناول في كتاباته تعقيدات الواقعين السوري والعربي، الماضي والحاضر، بعيون دقيقة وحسّ إنساني عميق تجاه معاناة البشر. وقد حظيت أعماله بإشادة نقدية واسعة وإعجاب جماهيري كبير.
بدأت مسيرته الأدبية بروايته الأولى حقول الذرة، التي صدرت عام 2016. وبعد عام، نال جائزة الطيب صالح جابر للإبداع الأدبي في مجال الكتابة الإبداعية، مما عزز مكانته كأحد النجوم الصاعدين في المشهد الأدبي العربي. واصل تألقه بروايته الثانية الهجران، الصادرة عام 2019، والتي عززت حضوره الأدبي أكثر، ليحصد بعدها جائزة نجيب محفوظ للرواية العربية عام 2021، وهي أعلى وسام يمنحه المجلس الأعلى للثقافة في مصر.
في عام 2023، أضاف شحادة إلى مسيرته رواية بيوت الأمس، الصادرة عن دار الكرمة في القاهرة، تلتها رواية الآن بدأت حياتي عام 2024 عن الدار نفسها. وقد رشحته أعماله الأخيرة للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع المؤلفين الشباب (2024- 2025).
من خلال أعماله، يغوص شحادة بعمق في التجربة الإنسانية، متناولاً القضايا التي تعكس التحولات الاجتماعية والثقافية في المجتمعين السوري والعربي. تمتد كتاباته عبر الحدود الجغرافية والزمنية، موثقة آلام وأحلام وطموحات مجتمع يعيش في خضمّ الأزمات. وبأسلوب يمزج الواقعي بالشعري، يقدّم سرداً يلامس القارئ ويثير وعيه ومشاعره. لا توثق أعماله معاناة عصره فحسب، بل تفتح أيضاً باباً لتأمل الهوية والفقدان والمرونة، ما يجعل منه صوتاً أدبياً مؤثراً في المشهد الأدبي العربي المعاصر.
50 ألف جنيه للفائز.. بدء استقبال المشاركات في جوائز معرض القاهرة للكتاب 2026
أسعار تبدأ من 5 جنيهات.. 75 دار نشر تُشارك في الدورة العاشرة من معرض الإسكندرية للكتاب


















0 تعليق