قد تبدو الموسيقى والدبلوماسية عالمين متباعدين، لكن بالنسبة للسفيرة سيريناد جميل، لطالما تشاركا الإيقاع نفسه. وُلدت في عائلة امتزجت فيها الإبداع بالفكر، وحولت تراثها الفني إلى مهمةٍ مدى الحياة لتعزيز التفاهم بين الأمم من خلال الثقافة والحوار والفن.
احتفالًا بمسيرتها المتميزة، تُكرّم مجلة BusinessWorldEureka بفخر سيريناد جميل، هذه المرأة المصرية الاستثنائية التي أعادت حياتها ومسيرتها المهنية تعريف معنى التواصل العالمي.
تعكس قصتها رؤية المجلة في تسليط الضوء على أفراد يجسدون القيادة والإبداع والتعاطف الثقافي، وهي صفات تُلهم جيلًا جديدًا ليرى الدبلوماسية فنًا ورسالة في آنٍ واحد.
سيريناد، ابنة الملحن المصري الشهير سليمان جميل والمصممة عزيزة جميل، نشأت محاطةً بالموسيقى والأزياء والفضول الفكري. غرس فيها عمل والدها - الذي احتفى بهوية مصر وألّف موسيقى للجمهور المحلي وكبار الشخصيات الدولية - الإيمان بأن الثقافة يمكن أن تكون جسرًا عالميًا. منذ صغرها، علمتها مرافقة والدها الدبلوماسي إلى بروكسل أن الدبلوماسية، مثل الموسيقى، تزدهر بالانسجام والاحترام.
تلقت سيريناد تعليمها في بروكسل، وأتقنت أربع لغات - العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية - ودرست الموسيقى في كلية ترينيتي بلندن. لقد شكّل تعليمها العالمي رؤيةً تتعايش فيها الفنون والدبلوماسية كأدواتٍ للسلام.
مسيرة مهنية حافلة
على مدار مسيرةٍ مهنيةٍ متميزةٍ امتدت 34 عامًا، شغلت السفيرة جميل مناصبَ رئيسيةً في أوروبا والشرق الأوسط. ففي باريس، ساهمت في تنسيق مشاريع اليونسكو، ونظّمت السنة الثقافية المصرية الفرنسية، التي تُوّجت بحفل جان ميشيل جار الموسيقي في الألفية بالأهرامات. لاحقًا، وبصفتها القنصل العام لمصر في باريس، نجحت في تأمين امتلاك مبنى القنصلية المصرية، وهو إنجازٌ بارزٌ في الدبلوماسية الثقافية.
واصلت رحلتها عبر مناصب دبلوماسيةٍ رفيعةٍ في فيينا وتونس والقاهرة، قبل أن تُصبح سفيرةً لمصر لدى أرمينيا وسفيرةً غير مقيمةٍ لدى جورجيا عام 2022. وعززت فترة عملها العلاقات المصرية الأرمينية، وبلغت ذروتها بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي التاريخية إلى يريفان عام 2023. وتقديرًا لإنجازاتها، حصلت جميل على جائزة "المرأة الذهبية الأرمينية لعام 2024" للقيادة النسائية في الدبلوماسية.
الدبلوماسية فن بحد ذاته
ترى سيريناد جميل أن الدبلوماسية فنٌّ بحد ذاته. فهي تؤمن بأن التعاطف والانضباط والثقافة عناصر أساسية للعلاقات الدولية، تمامًا كما هو الحال في السياسة والبروتوكول. وتقول: "الفن يُعطي الدبلوماسية روحها، والانضباط يُعطيها اتجاهها".
وهي الآن تُرشد الدبلوماسيين الشباب في مصر وأرمينيا، وتُواصل إلهام النساء للقيادة بثقة وإبداع. تُجسّد قصتها درسًا خالدًا، وهو أنه عندما تُوجّه الدبلوماسية بالثقافة والتعاطف، فإنها لا تقتصر على ربط الأمم؛ بل تُغذّي السلام.










0 تعليق