في سابقةٍ غير مألوفة في تاريخ نيويورك، صعد الشاب زهران كوامي ممداني إلى قمة المشهد السياسي ليصبح أول مسلم وأول هندي الأصل يتولى منصب عمدة المدينة، في انتصارٍ فاجأ المؤسسة السياسية الأمريكية والإسرائيلية أيضا وأعاد تعريف معنى التنوّع في واحدة من أكثر مدن العالم تنوعًا.
لكن وراء هذا الفوز اللافت، تختبئ قصة إنسانية غير عادية لرجلٍ ملتحٍ متدينٍ، عاش فترة من شبابه في القاهرة، في شارع البستان، بوسط البلد، وما زال يعاني من فوبيا الأماكن المغلقة التي شكّلت ملامح شخصيته بقدر ما شكّل هو ملامح جيله السياسي الجديد، وفقا لما سرده عن نفسه في مقال سابق نشره على موقع الصحيفة المجلة الأدبية “بودوين أورينت” والتي تعتبر أقدم منشور أسبوعي أكاديمي في الولايات المتحدة.
ولد ممداني عام 1991 في كمبالا بأوغندا لأبٍ أكاديمي مسلم من أصول هندية هو المفكر المعروف محمود ممداني، وأمٍّ هندية هي المخرجة الشهيرة ميرا نير.
تنقّل بين القارات منذ طفولته: من إفريقيا إلى أمريكا، مرورًا بمصر التي تركت في نفسه أثرًا لا يمحى. فقد أقام لفترة في شارع البستان بوسط القاهرة، وكان يصفها في أحاديثه لاحقًا بأنها «المدينة التي تشبه الناس أكثر من أي مكان آخر».
ورغم حبه للقاهرة، فإن تلك الإقامة كشفت جانبًا خفيًا من شخصيته؛ إذ كان يعاني من خوفٍ شديد من الأماكن المغلقة؛ إذ يروي أحد المقربين أنه كان يصعد يوميًا ثمانية طوابق على قدميه ليتجنّب ركوب المصعد.
الفوبيا لم تمنعه من الحلم، بل جعلته أكثر قربًا من الناس، وأعمق فهمًا لهشاشتهم الإنسانية.
بعد تخرّجه في كلية «بودوين» بولاية مين الأمريكية، عمل مستشارًا في شؤون الإسكان لمساعدة العائلات الفقيرة والمهاجرين على مواجهة خطر الطرد، قبل أن يدخل عالم السياسة من بوابة العمل الميداني.
انتُخب عام 2020 عضوًا في مجلس ولاية نيويورك عن حي «أستوريا» في كوينز، وبرز بسرعة بخطابه القائم على العدالة الاجتماعية ودعم النقل العام المجاني ومكافحة ارتفاع الإيجارات.
وفي انتخابات 2025، قلب ممداني التوقعات رأسًا على عقب، حين تغلّب على الحاكم السابق أندرو كومو في سباق العمدة، ليصبح أصغر من تولى المنصب منذ أكثر من قرن، وأول عمدة مسلم في تاريخ المدينة.
ممداني، الذي يردد دومًا أن إيمانه هو بوصلته الأخلاقية، يقول إن السياسة بالنسبة له «امتداد للرحمة».
وبينما يستعد لدخول قاعة مكتبه في «سيتي هول» العام المقبل، يبدو أن الشاب الذي خاف من المصعد يومًا، أصبح الآن يصعد سلّم التاريخ بثباتٍ نادر.












0 تعليق