يشهد قانون الإيجار القديم لعام 2025 مرحلة جديدة من الجدل المجتمعي والاقتصادي، بعدما أعلنت الحكومة المصرية إدخال تعديلات جوهرية تهدف إلى تحقيق توازن عادل بين حقوق المالك والمستأجر، في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد.
ورغم أن هذه التعديلات جاءت لتضع حدًا لعقود طويلة من الجدل حول القيم الإيجارية المتدنية، إلا أن قرار رئيس الوزراء بمدّ فترة تطبيق القانون فجّر حالة من الغضب بين الملاك، الذين رأوا في القرار "تأجيلاً غير مبرر" لتفعيل حقوقهم المشروعة.
حالات فسخ العقد وفق التعديلات الجديدة
من أبرز المواد التي شملتها التعديلات، تلك التي تتعلق بحالات فسخ عقد الإيجار.
فقد نصّ القانون المعدّل على أن العقد يُعتبر مفسوخًا بقوة القانون إذا ثبت أن المستأجر قام بتأجير الوحدة المؤجرة من الباطن أو سمح لطرف آخر بالانتفاع بها جزئيًا أو كليًا دون إذن كتابي من المالك.
ويمنح النص الجديد المالك الحق القانوني في رفع دعوى إخلاء أمام المحكمة المختصة، مع إلزام المستأجر الأصلي بتحمل أي أضرار مادية أو معنوية قد تلحق بالعقار نتيجة هذا التصرف.
كما أكد القانون على حق المالك في استرداد وحدته السكنية أو التجارية في حالة إخلال المستأجر ببنود العقد، خاصة في حالات التأجير من الباطن، باعتبارها مخالفة صريحة للقانون.
غضب الملاك بعد قرار التمديد
جاء قرار رئيس الوزراء بمدّ فترة تطبيق قانون الإيجار القديم ليصدم شريحة واسعة من الملاك الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر تنفيذ القانون الجديد بعد سنوات من الانتظار.
يرى الملاك أن التأجيل لا يخدم العدالة الاجتماعية، بل يزيد من معاناتهم الاقتصادية، خاصة أن الكثير منهم يعتمد على الإيجارات كمصدر دخل أساسي في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
صدمة الملاك من قرار التمديد
قال مصطفى عبد الرحمن، رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة، إن تنفيذ تصريحات رئيس الوزراء جاء استنادًا إلى المادة الثالثة من القانون رقم 155، التي تتيح لرئيس الوزراء حق مدّ الفترة المقررة. وأضاف: "القانون بالفعل يعطي هذا الحق، لكننا كنا نأمل أن تنتهي اللجنة المختصة من عملها دون تأجيل جديد، خاصة أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أرسل كل البيانات المطلوبة لوزارتي التنمية المحلية والإسكان".
وأشار عبد الرحمن إلى أن القرار كان بمثابة صدمة كبيرة للملاك، قائلاً: "الملاك غاضبون جدًا مما حدث، وكنا ننتظر الانفراجة لا مزيدًا من التأجيل، لأن الأوضاع الاقتصادية لأغلبنا لم تعد تحتمل".
مناشدة لرئيس الوزراء بالتدخل
وطالب رئيس الائتلاف رئيسَ الوزراء بإصدار تعليمات عاجلة لشركات الكهرباء والغاز والمياه لتسهيل حصول الملاك على ما يثبت وضع الشقق المغلقة، موضحًا: "القانون نصّ على أن من حق المالك رفع دعوى في الأمور الوقتية إذا كانت الشقة مغلقة، لكننا لا نستطيع تنفيذ ذلك لأن الشركات ترفض إعطاء أي بيانات بدون تصريح رسمي".
وأضاف عبد الرحمن: "نرجو من دولة رئيس الوزراء أن يوجّه هذه الشركات بالتعاون معنا حتى نتمكن من إثبات حالات الشقق المغلقة، فحتى الآن لا نعرف كيف نستفيد فعليًا من حقوقنا القانونية".
أزمة القيم الإيجارية المتدنية
وتابع عبد الرحمن أن الملاك يواجهون أزمة مالية خانقة بسبب القيم الإيجارية المنخفضة جدًا، قائلاً: "أقل شقة إيجارها 250 جنيهًا، في حين أن قيمتها السوقية تتجاوز 5000 جنيه شهريًا، ورغم ذلك تقبّلنا الوضع على أمل الإصلاح، لكن تأجيل تطبيق القانون ثلاثة أشهر أخرى ضاعف معاناتنا".
وأكد أن الظروف الاقتصادية للملاك أصبحت "شديدة الصعوبة"، مضيفًا: "الكثير من الملاك يعتمدون على هذه الإيجارات كمصدر دخل أساسي، لكن المبالغ الحالية لا تكفي لمتطلبات الحياة الأساسية، والتأجيل يعني مزيدًا من الضغط علينا".
و شدد رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة على أن الملاك لا يعترضون على القانون ذاته، بل على تأجيل تنفيذه، مؤكدًا أن "المادة الثالثة منحت رئيس الوزراء الحق في المد، لكننا كنا نأمل أن يكون القرار في صالح الطرفين، خصوصًا الملاك الذين يعانون من تآكل عوائد ممتلكاتهم".
في ظل الأزمة الاقتصادية وتزايد الضغوط المعيشية، يظل قانون الإيجار القديم من أكثر الملفات حساسية في مصر، لما له من تأثير مباشر على ملايين المواطنين من الملاك والمستأجرين.
وبينما تسعى الدولة لتحقيق توازن عادل يضمن حقوق الجميع، يترقب الملاك والمستأجرون الخطوة القادمة، على أمل أن تأتي القرارات المقبلة بحلول واقعية تضمن العدالة الاجتماعية وتُعيد الثقة في المنظومة التشريعية.













0 تعليق