سلامة داود: بلاغة النبي تتجلّى في فن الإسناد وأثرها على الفهم والتدبر - الفجر سبورت

صدي 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، أن الإسناد في اللغة العربية وفي البلاغة النبوية يعد مفتاح الفهم وسر البلاغة، مشيرًا إلى أنه يعطي الجملة قيمتها سواء كانت اسمية أو فعلية.

وأوضح الدكتور داود، في تصرح له، أن الإسناد قد يكون حقيقيًا حين يُسند الفعل إلى فاعله مباشرة، أو مجازيًا حين يُسند إلى غير الفاعل الحقيقي، مضيفًا أن ذلك يتجلّى في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من لعن والديه". فالإسناد الأول للفعل "لعن" إلى الله يدل على عظيم غضب الله على من يسيء إلى والديه، بينما الإسناد الثاني إلى من يلعن والديه هو إسناد مجازي يبرز أثر السببية والجرم الكبير في إحداث اللعنة.

وأشار إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استخدم الإسناد المجازي أيضًا في دعائه عند سماع الأذان، مثل قوله: "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، أتِ محمداً الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة وأبعثه مقامًا محمودًا". فالإسناد هنا يُظهر كمال الدعوة والصلاة بتمام الله سبحانه وتعالى وقيام المصلين، مع تعزيز أهمية إتمام الصلاة.

وأضاف الدكتور داود أن من أبرز أساليب الإسناد النبوي، إسناد العمل إلى الله في دعاء النبي: "اللهم اغفر لي ما مضى من ذنبي، واعصمني فيما بقي من عمري، وارزقني عملاً زاكياً ترضى به عني". حيث يظهر أن العمل الزاكي سبب، والرضا هو فضل من الله سبحانه وتعالى، مما يعكس تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وبيانه لمعنى السببية.

وأشار إلى نوع آخر من الإسناد النبوي وهو الإسناد إلى الزمان أو المكان، كما في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا يدركني زمان ولا تدركوا زمانًا لا يتبع فيه الحليم ولا يُستجاب فيه من العليم". فهذا الأسلوب يظهر حرص النبي على إتمام رسالته والسير أمام الزمن، وعدم السماح للزمان بأن يعيق أداء رسالته.

وأفاد بأن الإسناد النبوي، سواء الحقيقي أو المجازي أو المرتبط بالزمان والمكان، يمثل أرقى مستويات البلاغة النبوية، ويستحق التأمل والتدبر، ويُظهر عظمة الرسالة النبوية وفنّ التوصيل في أقوى صوره.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق