أثار عدد من أعضاء مجلس النواب، خلال الأيام الماضية، تساؤلات برلمانية حادة بشأن أزمة نقص الأدوية وغشها في السوق المصرية، بعد تزايد شكاوى المواطنين من اختفاء عدد من المستحضرات الحيوية مثل أدوية السكر، ا
لحساسية، وموانع الحمل، الأمر الذي دفع إلى التساؤل عن العقوبات المنتظرة بحق المتورطين في الغش الدوائي.
وأكد قانون العقوبات المصري أن الاتجار في الأدوية المغشوشة أو التسويق لها عبر الإعلانات ومواقع التواصل الاجتماعي، يُعد جريمة يُعاقب مرتكبها بالحبس والغرامة المشددة. حيث نصت المادة (7) على عقوبة الحبس مدة لا تقل عن شهر وغرامة من 50 إلى 100 ألف جنيه، وترتفع العقوبة إلى السجن من 3 سنوات وغرامة تصل إلى 500 ألف جنيه إذا تسبب الدواء المغشوش في ضرر جسيم أو عاهة مستديمة للمريض.
عقوبات غش الدواء في مصر
كما شدد القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل عام 1994 على معاقبة كل من يجلب أو يصنّع منتجات دوائية دون ترخيص، بالسجن لمدة تصل إلى سبع سنوات، في إطار جهود الدولة لردع التلاعب بصحة المواطنين.
وفي هذا السياق، تقدم النائب أشرف أمين، عضو مجلس النواب، بسؤال برلماني إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، لتوجيهه إلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، بشأن استمرار أزمة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية في المستشفيات الحكومية والصيدليات، وخطط الحكومة لتشجيع التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وأوضح النائب أن فاتورة الأدوية في مصر تبلغ نحو 350 مليون دولار شهريًا (بما يعادل 16.8 مليار دولار سنويًا)، مؤكدًا أن الأزمة تمس قدرة المواطنين على الحصول على الأدوية الأساسية، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة. وطالب ببيانات تفصيلية حول حجم النقص الحالي، مشيرًا إلى أن النواقص كانت قد تجاوزت في فترات سابقة ألف مستحضر دوائي قبل أن تنخفض إلى نحو 580 نوعًا، تم توفير 470 منها، وبقي 110 أصناف فقط قيد التوريد.
كما تساءل النائب عن حجم الدعم المالي الذي خُصص لمعالجة الأزمة، والذي بلغ نحو 7 مليارات جنيه لضمان توافر الأدوية والمخزون الاستراتيجي، داعيًا الحكومة إلى إعلان خطة زمنية واضحة تضمن استدامة المخزون لمدة لا تقل عن ستة أشهر.
وأشار أمين إلى أن الدولة، في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أولت اهتمامًا غير مسبوق بملف الدواء، عبر تكليفات رئاسية مباشرة لتوطين الصناعة، وهو ما رفع نسبة الاعتماد على الإنتاج المحلي إلى 91% من احتياجات السوق مقابل 9% فقط مستوردة.
من جانبه، أشاد النائب حسن المير، عضو مجلس النواب، بإطلاق هيئة الدواء المصرية لمنظومة «تتبع الأدوية» مطلع نوفمبر المقبل، معتبرًا أنها نقلة نوعية لضبط السوق ومكافحة الغش والتهريب.
وأشار المير إلى أن المنظومة الجديدة ستُنفذ تدريجيًا على مدار 3 إلى 5 سنوات حتى تشمل جميع المستحضرات الدوائية في السوق المحلي، مشددًا على أهمية أن تُسهم في توفير الأدوية النادرة وضمان الشفافية في سلاسل الإمداد.
وقدّم المير ستة اقتراحات لضمان نجاح المنظومة، من بينها: إنشاء قاعدة بيانات مركزية دقيقة تربط الشركات والمصانع والصيدليات إلكترونيًا بهيئة الدواء، وتدريب الصيادلة على النظام الرقمي، وتأمين البنية التكنولوجية ضد الاختراق، وتخصيص خط ساخن لتلقي شكاوى المواطنين، وضمان توافر المواد الخام، وتشكيل لجنة مشتركة لمتابعة التنفيذ.
واختتم المير تصريحه مؤكدًا أن منظومة تتبع الأدوية مشروع وطني ضخم يستحق الدعم الكامل من الدولة والبرلمان، قائلاً: “التحول الرقمي في قطاع الدواء لن ينجح إلا بالتنفيذ المحكم والتعاون الكامل بين الحكومة والقطاع الخاص لضمان أمن الدواء المصري.”


















0 تعليق