إذا ما أردنا أن نمتلك ما يشعرنا بالسعادة، ويدفعنا إلى أمل الحياة، والرغبة في الإنتاج، وبث الطمأنينة في النفس وفيمن حولنا؛ فعلينا أن نبحث عن مقومات تعزيز المشاعر في صورتها الإيجابية؛ حينئذ نتذوق طعم الفرح والحب والرضا، ونربو فوق الصعوبات والتحديات؛ فلا تؤثر في وجداننا، بل، نزداد قوة ومثابرة ومقدرة على التحمل، وتصبح ضغوط الحياة في كليتها في حيز التكيف، بما لا يؤثر على السلوك القويم، ويسهم في تعظيم ما لدينا من طاقات بناءة تخلق لنا فرصًا؛ لتحقيق ماهية الصحة العامة، التي لا تنفك عن صحة النفس والبدن، وهنا ينال الإنسان المناعة التي تقيه توغل الأمراض بكل صورها.
عمق تفهم ما يجوش في نفوسنا، وما تموج به أطياف عواطفنا، يمكننا من أن نعي ماهية فقه مشاعرنا؛ فيصبح لدينا مقدرة على الاتزان، وضبط النفس، والتحلي بالتؤدة، وتحويل سلبيات الشعور إلى إيجابيات في الوقت ذاته؛ فعندما ينتابنا الخوف؛ حينئذ نعمل على إزالة مسبباته، بمشرب من كأس الثقة بالنفس، وعندما يتملكنا الغضب؛ فإن العمل وبذل الطاقة في المسار القويم سبيل للخروج من حالة الكبت إلى واحة العطاء، عبر سيطرة تحكمها أطر أخلاقية تنسجم معها الروح؛ فلا يستنزف الوجدان، ولا يصاب البنيان بضعف الإنتاج.
الحديث بأن جودة الحياة تنطلق من ذات الإنسان، لا من الحيز الذي يحيط به، صحيح في كليته؛ لأن مشاعرنا تعد الموجه الرئيس للسعادة أو التعاسة، وهذا يعني أن الطمأنينة والرضا من أعمدة جودة الحياة لدينا، وأن اعتبارية الماديات أو ما نتملكه من مقدرات بمختلف صورها، يصعب أن تحقق معنى الجودة في سياقها المتكامل؛ ومن ثم تتناغم الأبعاد النفسية؛ فيبدو الانفعال العاطفي ما بين فرح، وحزن، وخوف، وغضب، لا يضير بصاحبه، ولا بالآخرين، وتتعالى أطر التفكير وعملياته، ليصبح الفرد قادرًا على صناعة واتخاذ القرار القويم، ويتعامل الإنسان منا مع رغباته وحاجاته بصورة منضبطة، تحقق التوازن على المستويين الداخلي والخارجي، ويحرص على تواصله بالآخرين بغض النظر عن المسافات والحوائل، ويتمسك بمنظومة القيم التي تعزز لديه معتقده، وتحقق في خبايا نفسه سكينة وطمأنينة.
قاعدة التوازن لا تنفصل عن جودة الحياة، التي نسعى إلى تحقيقها على الدوام، وهذا يؤكد لنا أن محاولة الهروب من المشاعر السلبية ضرب من المستحيل؛ لكونها متوافرة بين جنبات النفس؛ لكن الأجدى أن نعمل بحكمة على استيعابها، وحمل رسائلها في إطار من التريث والتوازن، ومحاولة استرداد القوى التي تدعم التفكير الإيجابي، الذي يعد مخلصًا لنوازع الألم، وهنا نتوقع أن تتغذى المشاعر الإيجابية على نظيرتها السلبية؛ فيحدث التحول الحميد؛ إذ نشعر بالامتنان والرضا، عندما نصاب بنوازل الدهر، أو نعطب في أبداننا، ونحاول بكل ثقة تجاوز أزمة الفشل، وطرق أبواب النجاح؛ حتى نحقق الفلاح بمزيد من الصبر وبذل الجهد، الذي يقوم على تفكير علمي، ينبثق من معرفة ومطالعة لخبرات الآخرين، وفي ضوء ذلك نستطيع أن نتحرر من أغلال السلبية؛ لنصل إلى واحة الإيجابية.
ينبغي أن ندرك ما نشعر به؛ كي نتعامل معه بطريقة صحيحة، ولا نحاول الهرب فيصيبنا الفزع، أو الوجل، أو الخوف؛ لذا لا بد من محاولات التهدئة، التي تبعث فينا أملًا في المقدرة على الوصال، ولا نحاول أن نبدى ردَّ فعل غير محسوب، بل، نسعى إلى استكمال رؤيتنا المنقوصة للأمور؛ حينئذ نرصد جوانب القصور، ونحدد نقاط الإخفاق، ونعيد تفسيراتنا واستنتاجاتنا التي تسرعنا فيها، وهذا في حد ذاته بداية لتصويب المسار؛ حيث نقطة الشعور بالرضا؛ فتتهاوى حينها السلبيات، ويزول التوتر، ودواعي القلق، والضغوط، ونصل إلى حالة الإيجابية، التي تعد بالنسبة لكثير منا مصدرًا لا ينضب للإلهام.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
د. عصام محمد عبد القادر يكتب: فقه المشاعر - الفجر سبورت
د. عصام محمد عبد القادر يكتب: فقه المشاعر - الفجر سبورت


















0 تعليق