ذكرت مجلة "بوليتيكو" المختصة في الشأن الأوروبي اليوم /الجمعة/ أن فضائح الفساد الأخيرة التي طالت قطاع الطاقة في أوكرانيا تهدد ثقة الحلفاء الأوروبيين لكييف؛ إذ بدأت تتزايد الأصوات داخل العواصم الأوروبية بضرورة الحصول على تطمينات من الحكومة الأوكرانية بشأن الدعم المالي المستقبلي للبلاد.
وأوضحت المجلة - في تقرير اليوم - أن التحقيقات في تهم الفساد في أوكرانيا باتت "حديث الشارع هناك"؛ خاصة بعدما كشف تحقيق واسع النطاق عن تهم بتلقي رشاوي بقيمة 100 مليون دولار، فيما كشفت الوكالات الأوكرانية لمكافحة الفساد هذا الأسبوع أن بعض المقربين من الرئيس فولوديمير زيلينسكي يُشتبه بتورطهم في هذه القضايا، ما دفع الرئيس إلى فرض عقوبات على شريكه التجاري السابق وإقالة عدد من الوزراء البارزين.
وقد أدى ذلك، حسب التقرير، إلى انقسام بين شركاء كييف الأوروبيين؛ فبينما يرى كثيرون أن هذه الأحداث تُعد مؤشرًا إيجابيًا على استقلال أجهزة مكافحة الفساد، يرى آخرون أنه ينبغي على أوكرانيا تقديم التزامات واضحة تُظهر جديتها في منع تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلًا.
ونقلت المجلة عن مسئول في الاتحاد الأوروبي - لم تكشف عن هويته - القول إن "الفساد المستشري" الذي كشفه التحقيق "مقزز"، ولن يساعد في تعزيز سمعة البلاد لدى شركائها الدوليين، مضيفا أن "المفوضية الأوروبية ستضطر بالتأكيد إلى إعادة تقييم كيفية إنفاق الأموال على قطاع الطاقة في كييف"، مؤكدًا أنه في المستقبل "سيكون على أوكرانيا إبداء مزيد من الاهتمام والشفافية في كيفية إنفاق الأموال".
وقال المستشار الألماني فريدريش ميرز - أمس بعد اتصال مع زيلينسكي - "نتوقع أن تواصل أوكرانيا تنفيذ إجراءات مكافحة الفساد والإصلاحات داخل البلاد"، فيما أضاف مسؤول حكومي في إحدى دول الاتحاد الأوروبي:" على الرئيس أن يطمئن الجميع، والأرجح من خلال خطة واضحة لكيفية معالجة الفساد".
تأتي الفضيحة في وقت حساس بالنسبة لأوكرانيا، إذ تواجه البلاد عجزًا في الموازنة بقيمة 41 مليار يورو العام المقبل، في حين لا تزال دول الاتحاد الأوروبي في حالة جمود بشأن الإفراج عن قرض تعويضات بقيمة 140 مليار يورو لكييف من الأصول الروسية المجمّدة.
وكان زيلينسكي قد قال - أمس الأول - إنه "يجب أن تكون هناك أقصى درجات النزاهة في قطاع الطاقة وفي جميع العمليات دون استثناء"، مضيفًا:" أؤيد كل تحقيق يُجريه وكلاء إنفاذ القانون ومسؤولو مكافحة الفساد".
وذكرت الصحيفة أنه رغم أن "الفضيحة" هي الأسوأ التي تواجه زيلينسكي منذ توليه منصبه عام 2019، الا أنها لم تدفع الحلفاء حتى الآن إلى التهديد بقطع المساعدات عن أوكرانيا؛ فقد أكد الاتحاد الأوروبي - أمس - أنه سيرصد 6 مليارات يورو جديدة كمساعدات لأوكرانيا، كما وافقت إستونيا رسميًا - هذا الأسبوع - على تقديم 150 ألف يورو إضافية لقطاع الطاقة الأوكراني، بينما تدرس ألمانيا تقديم زيادة قدرها 3 مليارات يورو العام المقبل.
وخلال اجتماعهم في مجموعة السبع يوم الأربعاء، ثم في مؤتمر الاستثمار الأوروبي–الأوكراني في وارسو أمس، حاول الحلفاء إظهار جبهة موحّدة.
وقال وزير الطاقة الليتواني، زيجيمانتاس فايشيوناس، لـبوليتيكو:" من المؤلم رؤية كيف يؤثر الفساد في قطاع الطاقة، خاصة مع اقتراب الشتاء واستمرار الهجمات الروسية على البنية التحتية للطاقة"، لكنه أكد قائلا:" سنقف بحزم مع شعب أوكرانيا — ولن يتوقف دعمنا".
وقالت أورا ساباديس، كبيرة محللي الطاقة في شرق أوروبا لدى مؤسسة ICIS البحثية، إن إنهاء الدعم لقطاع الطاقة الأوكراني المنهك ستكون له آثار "كارثية" قبل حلول الشتاء.
ففي الأشهر الأخيرة، كثفت موسكو القصف على البنية التحتية الحيوية للطاقة في أوكرانيا، مستهدفة منشآت إنتاج الغاز ومحطات الطاقة التي تعمل بالفحم. ونتيجة لذلك، حصلت البلاد على 500 مليون يورو من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لشراء واردات طارئة من الغاز.





0 تعليق