لم يعد الترتيب لمستقبل قطاع غزة مجرد ملف دبلوماسي أو إقليمي؛ بل تحول إلى عملية ميدانية تدار من غرفة عمليات أميركية تقع في عمق الأراضي المحتلة وإسرائيل، بحسب تقرير نشرته قناة 12 العبرية اليوم الخميس.
وبعد نحو شهر من إنشاء مركز التنسيق المدني ـ العسكري في كريات غات، يبرز المركز كلاعب مركزي في تطبيق ما بات يعرف «خطة المرحلة الثانية»، ويثير تساؤلات في الشارع الإسرائيلي حول مدى نفوذ واشنطن على الساحة العملياتية.
صمم المقر، الذي يستضيف ضباطاً أميركيين إلى جانب فريق إسرائيلي يضم بين 100 و150 ضابطاً، ليكون منصة تنسيق بين واشنطن وتل أبيب والشركاء الدوليين المحتملين، بهدف الإشراف على تنفيذ بنود وقف النار وإدارة ما بعده.
ووفق مصادر عسكرية ودبلوماسية، فإن المقر ينسق قضايا متعددة: توزيع المساعدات، مراقبة الالتزام بالخطوط الفاصلة («الخط الأصفر») في غزة، وتأمين سبل نزع السلاح الجماعي للحركة المسلحة.
إشراف أم قيادة؟
الوجود الأميركي في كريات غات يقرأ داخلياً على أنه تفاوضي ـ تنفيذـي: واشنطن تسعى لأن تكون صاحبة الدور القيادي في تنفيذ مراحل الانتقال، بينما يحافظ الجيش الإسرائيلي على دور تقني وأمني في قضايا مثل نقاط التفتيش وجمع المعلومات الاستخبارية الحساسة.
ذلك التوازن يبدو هشاً: المسؤولون الإسرائيليون يرون أهمية الحفاظ على «الخطوط الحمراء» الأمنية، في حين يرى الأميركيون أن تسيير المرحلة الثانية يتطلب إشرافاً دولياً أوسع.
قوة دولية أم مهمة تدريب؟
المقر ينتظر الآن موافقة سياسية لإطلاق نشر «قوة استقرار دولية» داخل غزة، وقد ذكرت أسماء مرشحة من بينها بريطانيا، إيطاليا، الأردن، الإمارات، وربما هنغاريا. لكن حتى الآن لم تُحسم قوائم الدول المشاركة، ولا تزال مسألة مشاركة دول عربية محددة مطروحة كعامل حاسم لشرعية أي قوة مستقبلية.
ويركز المقر أيضاً على خطط تدريب تلك الوحدات—سواء داخل إسرائيل أو في دول مجاورة—على مهام الكشف عن أنفاق حماس، دون أن يدخل الجنود الأميركيون في غزة مباشرة.
الرقابة على رفح وأزمة «العالقين»
أحد أبرز الملفات التي تراقبها غرفة كريات غات عن كثب هو ملف المقاتلين العالقين في أنفاق رفح. تعليمات قائد الأركان الإسرائيلي تضمنت مواقف واضحة: من يخرج بعلم أبيض يعامل معاملة الأسرى، ومن لا يستسلم فسيستهدف.
ويراقب المقر الأميركي الوضع ويضع عدة سيناريوهات تحسباً لأي تطور قد يهدد الاتفاق، فيما تجري واشنطن مفاوضات مع دول مثل تركيا لاستيعاب عناصر تبعد عن القطاع، بحسب مصادر إعلامية.
















0 تعليق