الإعلام والضغط النفسي على المراهقين.. كيف نحمي شبابنا؟ الفجر سبورت

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في عصر يتجاوز فيه الإعلام كل حدود المكان والزمان، أصبح المراهقون أكثر الفئات عرضة للتأثير النفسي المباشر وغير المباشر، سواء عبر الشاشات أو وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى المحتوى الرقمي القصير. فالمراهق يبحث عن الانتماء والاعتراف، ويجد في الإعلام مرآةً لهوية لا تزال تتشكل، ومن هنا تظهر خطورة الضغط النفسي الناتج عن المقارنات المستمرة، والمثالية المزيفة، وإيقاع الحياة الرقمي السريع.

قد يبدو الأمر سطحيًا عندما نراه مجرد متابعة لأحدث التريندات أو المشاهير، لكنه في الحقيقة يمس جذور الصحة النفسية للشاب. فالمقارنة بين حياته وحياة الآخرين، أو محاولة تقليد صور وسلوكيات شخصيات إعلامية، قد تولّد شعورًا بالنقص أو القلق أو حتى الاكتئاب. ومن جهة أخرى، يواجه المراهقون ضغطًا اجتماعيًا إضافيًا من أقرانهم الذين يعيدون نشر ما شاهدوه، أو يحكمون على قيمة الشخص بعدد الإعجابات والمتابعين.

ومن هنا يظهر دور الأسرة والمدرسة والمجتمع في توفير حماية حقيقية. فالأسرة يمكنها أن تخلق مساحة آمنة للحوار المفتوح، تسمح للابن أو البنت بالتعبير عن مخاوفهم وتساؤلاتهم حول ما يشاهدونه، كما يمكنها أن توجّههم نحو محتوى مفيد ويعزز قيمهم بدلًا من ما يضرهم. والمدرسة، من جانبها، تستطيع أن تدعم هذا التوجيه من خلال برامج التربية الإعلامية والوعي الرقمي، لتعليم الطلاب كيفية التعامل مع الرسائل الإعلامية، وكيفية التفريق بين الحقيقة والمبالغة، وبين الواقع والصورة المثالية المفبركة.

أما الإعلام نفسه، فله مسؤولية مزدوجة. فمن جهة، يجب أن يُقدّم محتوى يعزز الصحة النفسية ويزرع قيمًا إيجابية، ومن جهة أخرى، يجب أن يكون هناك وعي جماعي لمخاطر المحتوى المضلل أو الضاغط نفسيًا على الشباب. فالرسائل السريعة، والفيديوهات القصيرة، والشخصيات المثالية الظاهرة على الشاشة، كل هذا يُمكن أن يكون له أثر طويل الأمد على النشء، وبالتالي لا يمكن الاستخفاف بأهمية ضبط هذا التأثير.

لذا، لا يمكن إنكار أن المراهق اليوم يعيش في عالم مزدوج: عالم واقعي يحكمه الأسرة والمدرسة، وعالم رقمي يسيطر عليه الإعلام والشبكات الاجتماعية. والنجاح في حماية الشباب من الضغط النفسي، أو على الأقل التخفيف من تأثيره، يأتي من توازن هذه العوالم الثلاثة. فحين تتضافر الأسرة، والمدرسة، والإعلام المسؤول، يمكن أن ننشئ جيلًا قادرًا على مواجهة الضغوط، وتحليل المحتوى بوعي، وبناء شخصيته بحرية، بعيدًا عن القوالب المثالية المضللة أو المقارنات الضاغطة، ليكون شبابًا صحيًّا نفسيًا وواعيًا اجتماعيًا، قادرًا على المساهمة الإيجابية في مجتمعه.

*باحثة دكتوراه فى الإعلام التربوي بجامعة عين شمس

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق