في إحدى ليالي قرية ميت حبيش البحرية الهادئة التابعة لمدينة طنطا بمحافظة الغربية، خيم الصمت على منزل صغير يقف على أطراف القرية، لا يقطعه سوى صوت مروحة تدور ببطء، ورجل تجاوز الخمسين من عمره أرهقته الأيام ولكنه مازال يكد بمركبته توك توك بحثا عن لقمة العيش، لم يكن يعلم أن نهايته سوف تكون على يد من يعمل من أجلهم "الابن العاق".
كان الأب، سائق "توكتوك" بسيط، يسعى خلف رزقه بالحلال ليؤمن قوت يومه، بينما ابنه الوحيد، شاب في الثامنة عشرة من عمره، تملؤه نزعة التمرد والطمع، يرى في تعب أبيه وسيلة سهلة للعيش ببذخ، دار بينهما جدال طويل تلك الليلة، حين طلب الابن أن يمتلك "التوكتوك"، فرفض الأب بحزم قائلاً: "لسه بدرى عليك يا ابني.. دي أمانة ورزق البيت كله."
لكن الغضب أعمى قلب الشاب، فخطط لجريمته ببرودٍ لا يليق إلا بقسوةٍ نشأت على الأنانية، دس الابن لوالده حبوب منومة في كوب الشاي، وحين غلبه النعاس، جلس بجواره يتأمل وجهه المرهق ثم مد يديه ليخنقه حتى توقفت أنفاسه للأبد.
وفاة طبيعية!
في الصباح، هرع الجيران على صوت صرخات الابن الذي ادعى أن والده توفي إثر أزمة قلبية مفاجئة، بدا المشهد حزينا، والدموع تسيل على وجه الابن الذي أتقن دور الباكي، وبدأ يسعى لاستخراج تصريح الدفن دون ضجة.
لكن القدر أبى أن يدفن الأب دون أن تكشف الحقيقة، فحين حضر مفتش الصحة، لاحظ آثار خنق واضحة حول الرقبة لا تتماشى مع وفاة طبيعية، فأبلغ الأجهزة الأمنية التي حضرت على الفور وكشفت جريمة الابن العاق.
تفاصيل الواقعة
تلقى المقدم محمد العسال، رئيس مباحث مركز طنطا بمديرية أمن الغربية، بلاغا بالواقعة، فانتقل إلى المكان، وبفحص الملابسات وسماع الشهود، بدأت الخيوط تتجمع، وجاءت التحريات لتؤكد أن الابن هو القاتل، مدفوعًا بالطمع في “التوكتوك” الذي كان وسيلة رزق أبيه، وبمواجهته بالأدلة، انهار الشاب واعترف بجريمته تفصيليًا، جري نقل الجثة إلى ثلاجة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة.
عقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن مسبق من النيابة العامة أمكن ضبط المتهم وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات التي أمرت بانتداب طبيب شرعي لتشريح جثة المجني عليه وإعداد تقرير واف عن كيفية وأسباب الوفاة وصرحت بالدفن عقب بيان الصفة التشريحية.
وأمرت النيابة بحبس المتهم 4 أيام احتياطياً علي ذمة التحقيقات وجدد قاضي المعارضات حبسه 15 يوما وجار استكمال التحقيقات.

















0 تعليق