لماذا نفترق بعد سنوات الصداقة؟.. تفسيرات نفسية غير متوقعة .. بوابة الفجر سبورت

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تبدأ الصداقات عادة بوهجٍ جميل، وتتشكل بسهولة حين تتقاطع الاهتمامات، وتتداخل اللحظات، وتُنسج المواقف الصغيرة التي تصنع روابط قوية، لكنّ الزمن لا يرحم العلاقات، فبعض الصداقات تذبل فجأة أو تتآكل ببطء، دون خلاف واضح أو سبب ظاهر. 

كما يمرّ الأصدقاء بأيام لم تعُد فيها المكالمة ضرورية، ولا اللقاء واجبًا، ثم يتحول البعد إلى واقعٍ دائم، وقد فسّر علم النفس الحديث هذا التباعد بتفسيرات غير تقليدية تتعلق بالنضج، والهوية، وتغيّر الاحتياجات النفسية والاجتماعية للأفراد، وفق ما أوضحته الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA).

أسباب الابتعاد عن الأصدقاء المقربين بعد فترة 

ترى الدراسات النفسية أن الصداقة تمرّ بمراحل، تبدأ بالانجذاب المشترك وتنتهي إما بالتكامل أو الانفصال، فينضج الإنسان مع مرور الوقت، وتتحول أولوياته، فيبحث عن من يشبهه في المرحلة الجديدة من حياته، ويفقد أحيانًا القدرة على التكيّف مع الأصدقاء القدامى الذين يمثلون نسخةً سابقة منه، فيشعر دون وعيٍ بالاغتراب.

ويشير الخبراء إلى أن تبدّل الاحتياجات النفسية يلعب الدور الأكبر في هذا الابتعاد، فيحتاج المرء في العشرينات إلى أصدقاء يشاركونه الاكتشاف والمغامرة، بينما يبحث في الثلاثينات والأربعينات عن من يقدّر الاستقرار والدعم الهادئ، فإذا لم تتطوّر العلاقة لتواكب هذا التحول، تتآكل الصلة ببطء حتى تختفي.

كما تُفسَّر ظاهرة “الابتعاد الصامت” أيضًا بأنها آلية دفاع نفسية، حين يشعر الإنسان بأن العلاقة تستنزف طاقته أو تزيد من توتره، يبدأ لا شعوريًا في خلق مسافة أمان، وقد يبرّر ذلك بانشغاله أو بتغير الظروف، لكنه في الحقيقة يحمي توازنه الداخلي، وغالبًا ما تتخفّى هذه الحالة وراء جمل مثل “الدنيا شغلتنا” أو “كل واحد بظروفه”، وهي تبريرات تحجب عن الطرفين حقيقة الفتور العاطفي.

ويؤكد علماء النفس الاجتماعي أن الصداقة تتطلب التجديد المستمر، مثل أي علاقة إنسانية أخرى، فإذا لم يُغذِّها الطرفان بالاهتمام والتفاعل، تفقد معناها الطبيعي، كما تظهر فجوة التواصل حين يتوقف الحوار الصادق أو تتراكم المواقف غير المحلولة، فيبدأ كل طرف برؤية الآخر من خلال “عدسة الماضي”، لا كما هو الآن.

كما يرى المتخصصون أن التطور الشخصي غير المتوازن قد يكون سببًا خفيًا في الانفصال، فينمو أحد الطرفين معرفيًا أو مهنيًا أو اجتماعيًا بوتيرة أسرع، فيشعر الآخر بالدونية أو بعدم التوافق، ومع غياب الحوار الصريح، يتحول هذا الشعور إلى صمتٍ طويل ثم إلى انسحاب كامل.

ولا يمكن تجاهل دور البيئة الرقمية في تعميق الفجوة، إذ تُظهر الأبحاث الحديثة أن الإفراط في التواصل الافتراضي يخلق وهم القرب، بينما يقلل التفاعل الحقيقي وجهًا لوجه، ومع الوقت، يُصاب الأصدقاء بـ"الملل العاطفي" لأن علاقتهم أصبحت محصورة في صور وتعليقات لا تحمل حرارة اللقاء الحقيقي.

وتُذكّرنا هذه التفسيرات بأن انتهاء بعض الصداقات لا يعني فشلها، بل ربما نضوجها ووصولها إلى غايتها، فالأصدقاء الذين رحلوا قد أدّوا دورهم في مرحلةٍ معينة من حياتنا، وتركوا أثرًا يستمر حتى بعد الغياب، وبحسب دراسة منشورة في مجلة Personality and Social Psychology Review الصادرة عن الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA)، فإن تغيّر الاحتياجات الشخصية هو العامل النفسي الأكثر تأثيرًا في تباعد الأصدقاء عبر الزمن.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق