تحت رعاية الدكتور ناصر مندور، رئيس جامعة قناة السويس، وبإشراف عام من الدكتورة دينا أبو المعاطي، نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، نظمت الجامعة برنامجًا تدريبيًا بعنوان "دور الفطرة السليمة في تشكيل السلوك وبناء الوعي الذاتي والقيم لتعزيز النمو المتوازن في مرحلة الطفولة المتأخرة"، استهدف (11) طالبة من مدرسة المجمع التعليمي الابتدائية، وذلك بإشراف الدكتور مدحت صالح، عميد كلية التربية، والدكتورة نهلة صابر تاوضروس، وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة.
مرحلة الطفولة المتأخرة
قدم المحاضرة الدكتور عمرو مصطفى، المدرس بكلية التربية، حيث تناول خلال اللقاء مفهوم مرحلة الطفولة المتأخرة التي تمتد ما بين سن التاسعة والثانية عشرة، وهي مرحلة ما قبل المراهقة التي يبدأ فيها الطفل بتكوين شخصية أكثر وضوحًا، تتسم بوعي الذات، والرغبة في الاستقلال، والاهتمام بالآخرين، والميل إلى القيم الأخلاقية كالصدق والعدل.
مفهوم الفطرة السليمة
استعرض المحاضر مفهوم الفطرة السليمة باعتبارها الصفاء الداخلي والقدرة الطبيعية على التمييز بين الخير والشر، مؤكدًا أن كل طفل يولد بطبع نقي يميل إلى العطاء والمحبة، وأن دور المربين هو تنمية هذه الفطرة وتوجيهها بالقدوة والرعاية لا طمسها، مستشهدًا بقول الله تعالى: "فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة...".
بناء السلوك
كما تناول دور الفطرة في بناء السلوك، موضحًا أن السلوك هو المرآة التي تعكس ما في داخل الإنسان من قيم، مستشهدًا بقول ابن خلدون: "النفس كالعجين إن وضعت فيه العسل حلا، وإن وضعت فيه السم فسد"، مشيرًا إلى أن تكرار السلوك الجيد يغرس العادة، والعادة تصنع الشخصية، والشخصية تحدد مصير الإنسان.
وشملت الندوة مناقشة العلاقة بين الفطرة والوعي الذاتي، إذ إن الوعي الذاتي يُعد قدرة الطفل على معرفة نفسه وتقييم أفعاله بصدق، وهو ما يعزز ضميره الحي واختياره للخير طوعًا لا خوفًا من العقوبة، مستندًا إلى قوله تعالى: "بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ".
وخلال اللقاء، قُدمت مجموعة من القصص الواقعية الهادفة التي أبرزت قيمة الصدق والعدل والنقاء الفطري في حياة الأطفال، منها قصة الطفل "يوسف" الذي صدق في حديثه فأصبح قدوة لأقرانه، وقصة الخليفة عمر بن عبد العزيز في تعليمه أبناءه العدل وضبط النفس، وقصة العالمة "جين جودال" التي حولت حبها الفطري للحيوانات إلى رسالة إنسانية عظيمة.
كما تضمنت الفعاليات أنشطة تطبيقية تفاعلية منها ورشة بعنوان "أنا أتصرف بفطرتي"، عرض خلالها الدكتور عمرو مواقف حياتية حقيقية ناقشها مع الطالبات لتدريبهن على اتخاذ القرار الصحيح وفق الفطرة السليمة، بالإضافة إلى ركن القيم اليومية وبطاقة الامتنان التي تشجع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم الإيجابية.
واختُتم البرنامج بعدد من التوصيات، أبرزها ضرورة إدماج القيم والفطرة ضمن المناهج الدراسية كممارسات حياتية، وتدريب المعلمين على تنمية الضمير الذاتي لدى الأطفال بالحوار لا بالعقاب، مع إشراك الأسرة في تعزيز السلوك الإيجابي وتشجيع الأطفال على التأمل الذاتي والاعتذار عند الخطأ ومساعدة الآخرين.
كن جميلاً ترى الوجودَ جميلاً
وفي ختام الفعاليات، استشهد الدكتور عمرو بقول الشاعر إيليا أبو ماضي: "كن جميلاً ترى الوجودَ جميلاً"، مؤكدًا أن الجمال يبدأ من الداخل، من الفطرة النقية، وبأن التربية السليمة هي التي تُخرج طفلًا يدرك الخير فيختاره دون توجيه خارجي.
نُظم البرنامج التدريبي تحت إشراف المهندسة وفاء إمام أحمد، مدير عام الإدارة العامة للمشروعات البيئية، والمهندس أحمد رمضان سعيد، مدير إدارة تدريب أفراد المجتمع، تأكيدًا لدور جامعة قناة السويس الريادي في ترسيخ القيم التربوية وبناء وعي متوازن لأجيال المستقبل.












0 تعليق