يأتي عيد الحب كل عام في يوم 4 نوفمبر ليذكرنا بأن التعبير عن المشاعر ليس ترفًا بل حاجة إنسانية أساسية، فالهدايا قد تُنسى والورود تذبل، لكن الكلمات والرسائل تبقى الأثر الأعمق في الذاكرة، فالحب في جوهره ليس مجرد مناسبة عابرة، بل هو لغة التواصل بين القلوب، ومصدر الدفء الذي يمنح الحياة معناها الإنساني الأجمل.
مصطفى أمين ودعوته لعيد الحب المصري
"دعوت إلى عيد جديد في بلادي وهو عيد الحب"، بهذه العبارة استهل الكاتب مصطفى أمين مقاله الذي دعا فيه إلى تخصيص يوم للاحتفال بالحب عبر صفحات جريدة أخبار اليوم، وهي الدعوة التي تحولت سريعًا إلى احتفال سنوي يجمع الأحباء في الرابع من نوفمبر من كل عام، وأصبح هذا اليوم يعرف منذ ذلك الحين باسم عيد الحب المصري، وقد أراد مصطفى أمين من فكرته أن يكون هذا العيد مناسبة وطنية تُذكّر الناس بمعنى الحب الصادق في حياتهم اليومية.
فلسفة مصطفى أمين في اختيار اليوم
لم يوضح مصطفى أمين في كتابه "الـ200 فكرة" سبب اختياره ليوم 4 نوفمبر تحديدًا ليكون موعدًا لعيد الحب المصري الذي أطلقه عام 1974، لكنه كشف عن فلسفته في الدعوة لهذا اليوم، إذ كتب قائلاً: "في هذا اليوم سيبعث كل واحد منا تحية لمن يحب، قد تكون هذه التحية زهرة أو بطاقة أو خطابًا أو محادثة تليفونية، إننا نريد أن نعيد الحب إلى بلادنا نحب زوجاتنا وحبيباتنا، نحب أولادنا وبناتنا، نحب أصدقاءنا وجيراننا، نحب وطننا، نحب الناس جميعًا"، وهكذا أراد أن يجعل من الحب معنى واسعًا يتجاوز الرومانسية إلى محبة الإنسان لأسرته ومجتمعه ووطنه.
شرط الاحتفال بيوم الحب المصري: أن تحب نفسك بصدق
في دعوته إلى عيد الحب المصري أوضح مصطفى أمين أن هذا العيد سيكون احتفالًا لكل الناس ما عدا من لا يحبون إلا أنفسهم، فقد كتب في مقاله: "عيد الحب سيكون عيد كل الناس ما عدا الذين لا يحبون إلا أنفسهم"، داعيًا الجميع في هذا اليوم إلى تعلم الحب والعفو والتسامح، مؤكدًا أن تجاربه في الحياة علمته أن "الذي لا يعرف كيف يحب لا يعرف كيف ينجح في الحياة"، لأن النجاح كما يرى لا يتحقق إلا بفهم الناس، ولا يمكن فهم الناس إلا بمحبتهم.
الحب مرآة الحقيقة الإنسانية
وتتجلى فلسفة مصطفى أمين في رؤيته للحب كقيمة تكشف جوهر الإنسان، إذ كتب: "عندما تكره إنسانًا لا تستطيع أن تراه على حقيقته، تراه قصيرًا وهو طويل، تراه ثقيل الدم وهو خفيف الدم، تراه لا يستحق الثقة بينما هو في الحقيقة رجل أمين"، ويضيف أن في داخل كل إنسان جهازًا عجيبًا يستطيع أن يميّز من يحبه ممن يخدعه، وهو جهاز لا يخضع للخداع أو التظاهر أو النفاق، فحتى لو قال لك أحدهم إنه يحبك، فإن شيئًا في داخلك سيرشدك إلى حقيقة مشاعره.
عيد الحب... دعوة للعودة إلى إنسانيتنا
لقد أراد مصطفى أمين من فكرته أن يجعل عيد الحب المصري مناسبة تتجاوز حدود الكلمات إلى فعل المحبة الصادق، فالحب في نظره ليس مجرد شعور، بل أسلوب حياة يعيد التوازن بين القلوب، ويمد جسور التفاهم بين الناس، ويدعو إلى التسامح قبل العتاب، والعطاء قبل الطلب، فالحب هو الرسالة التي تذكّرنا دائمًا بأن أجمل ما في الإنسان قلبه القادر على الحب رغم قسوة العالم من حوله.









            






0 تعليق