د. عادل القليعي يكتب: مصر أبهرت العالم.. حفل افتتاح المتحف المصري الكبير - الفجر سبورت

صدي 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قد تعجز الكلمات عن وصف ما بداخل كل مصري مخلص محب لوطنه عندما يشاهد هذا الإعجاز الذي أبهر العالم، وهذا المنجز العملاق: المتحف المصري الكبير. وليس هذا فحسب، بل وتعجز الأقلام ويقف المبدعون من الكُتّاب عاجزين عن وصف هذه العظمة والفخامة في حفل افتتاح متحفنا المصري الكبير.

حدث عملاق شهده القاصي والداني، حضوريا أو عبر شاشات الفضائيات أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وبكل لغات العالم، تحدث التاريخ المصري قائلاً: نحن هنا، نحن حضارة مصر العملاقة الشاهدة على عظمة أجدادنا الذين خلفوا لنا تراثًا حضاريًا عملاقًا، مما يعد في حد ذاته دافعًا ومحركًا ووقودًا للأجيال القادمة كي تجتهد في المحافظة على هذا التراث.

ليس بالكلام أو الشعارات والهتافات، وإنما بالجد والمثابرة في العمل من أجل مواصلة البناء وإكمال مسيرة الآباء والأجداد.

فلابد أن نكون صادقين مع أنفسنا، بمعنى أن الواحد منا يجلس مختليًا بنفسه تراوده أفكار كثيرة وطموحات وأحلام خاصة، كأن يصبح كذا ويحقق كذا له ولأولاده، وأحلام عامة تتعلق بمستقبل وطنه وأمته العربية وما يحدث لها من تشرذم وشتات وتفرق، وقد نهى الله تعالى عن هذه الفرقة لأنها تذهب الريح، وأن الذئاب لا تأكل إلا الغنم القاصية.

أما العصبة فهي القوة، والاتحاد هو العصبة. وكذلك ما الذي يريده الغرب منا؟! لماذا كل هذه التخطيطات؟ ولماذا كل هذه المؤامرات؟ ماذا تريدون منا؟!

ثم يأخذ الواحد منا نفسًا عميقًا وتأخذه الأشواق والحنين وتفيض عيناه بالدموع عندما يرد على خاطره بلده، وطنه الأم (مصر)، يا ساحرة القلوب، يا قبلة العشاق وروضة الطالبين، مصر الحب، مصر الخير، مصر قلب العروبة النابض بالحنان، مصر النيل، مصر الأهرام، مصر الحضارة، مصر التاريخ، مصر الحاضر.

مصر الآن، مصر المستقبل، مصر المتحف المصري الكبير، مصر الأم الرؤوم التي مهما غبت عنها وعدت، استقبلتك بالحنين. مصر الشعب الطيب، مصر الدفء، مصر الريادة، مصر القيادة، مصر الوحدة، مصر القبطية، مصر الإسلامية، مصر الكنائس، مصر المساجد، مصر رفعت وعبدالباسط وطوبار والنقشبندي، مصر أم كلثوم وحليم وعبدالوهاب. مصر الواحة والراحة. كل ذلك ولا وربي، هناك الكثير والكثير.

ولكن لابد أن يعلم الجميع أنها مهما حيكت ضدها المؤامرات فإنها الصخرة والحصن الحصين الذي تتحطم على أسواره كل هذه الأمور. هل أتاكم نبأ الحملات التتارية، والفرنسية، والإنجليزية؟ العدوان الثلاثي؟ العدوان الصهيوني؟ كل ذلك ذهب إلى حيث ذهب وبقيت مصر رمانة ميزان العرب.

ثم هل أتاكم نبأ ما يفعله التكفيريون الذين نصبوا أنفسهم قضاة وجلاّدين يفتون بالباطل بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، ويستبيحون الدماء وقتل الشباب بغير وجه حق؟ افعلوا ما شئتم، ستذهبون إلى هباء وإلى التلاشي، وستبقى مصر مقبرة لكم أيها القتلة سفّاكي الدم. هل تتذكرون مراجعاتكم؟ إن أردتم تذكرة فارجعوا إلى ما دوّنتموه. ذهبتم وبقيت مصر، لكن في القلب غصة منكم ومن أفاعيلكم. فما ذنب ناسك يتعبد؟ هل لأنه يتعبد يُقتل؟ ما ذنب جندي يحرس فتقتلوه؟ إنها أفاعيلكم، أفاعيل الشيطان، والله ورسوله منكم براء.

ويقول الكثير: نريد إصلاحات في مجال الثقافة، والمجال الديني وتجديد الخطاب بما يتماشى مع العصر ومتغيراته، إصلاحًا اقتصاديًا، خدميًا، طبيًا، تعليميًا، سياسيًا. والنريدات كثيرة. ولكن، لماذا لا نسأل أنفسنا: هل أدينا ما علينا من واجبات حتى نطالب بحقوقنا؟ هي حقوق مشروعة، ولكن هل مددنا أيدينا وتكاتفنا لتحقيق رفعة هذا الوطن؟ هل تركنا اللامبالاة؟ هل أدينا أعمالنا كما أمرنا الله: (وَقُلِ اعْمَلُوا)؟ هل طبقنا المثل القائل: الناجي يأخذ بيد أخيه؟ هل بدأنا بأنفسنا؟

هذا وطننا وهذه حياتنا. بأيدينا نحن رفعتها. نحن أصحاب الكلمة في رفعة شأن هذا البلد. وقد أتعرض للانتقاد، وأن الحكومة دورها توفير كل ما سبق، ولك الحق. ولكن، لماذا لا نتريّث ونصبر ونعمل؟ العمل ثم العمل ثم العمل. التشييد والبناء على كافة الأصعدة والمستويات، نحب ما نفعله ونعتبره مهمة قومية.

وقد ناقشت هذه الفكرة مع إحدى الزميلات الفضليات عن العمل في الكنترولات، وأن العائد المادي قد يكاد أن يكون معدومًا. فقالت بثبات عظيم ثبتني: هي مهمة وكلنا كُلِّفنا بها، هل نؤديها على الوجه الذي يرضي به ربنا عنا؟ قلت: نعم. يا سادتي، المسألة جد مهمة، ووطننا يحتاج منا الهمة. فهل هممنا وشمرنا سواعد الجد لبناء هذا المحبوب؟

والله ما دفعني إلى الكتابة في هذا الموضوع إلا حبي لبلدي الذي أحيا به وأتنفس هواءه وأشرب ماءه وأسكن تحت سمائه.

نعم، إن وطننا الحبيب مصر يحتاج إلى الكثير والكثير من الجهد والجد والاجتهاد وبذل الغالي والنفيس من أجل إعلاء شأنه بين الدول المتقدمة.

إنها ضرورة ملحة أن نتكاتف ونضع أيدينا في أيدي قادتنا، لماذا؟ حتى نحقق إنجازات في كافة المجالات. وقد أثبتنا بالدليل القاطع أننا قادرون على خلق المعجزة. وشاهدي على ذلك هذا المنجز العملاق: متحفنا الكبير الذي شُيّد بأيادٍ مصرية، وخبرات مصرية، وهندسة مصرية، وزخارف مصرية، وأضواء مصرية، وتقنيات حداثية مصرية. فالذي يشيد متحفًا بهذه العظمة قادر على صنع المستحيل. فليس هناك مستحيل أمام إرادة المصريين الفولاذية.

فهنيئًا لكم أيها المصريون هذا المنجز العملاق الذي جمع بين أصالة الماضي وخبرة الحاضر وتطلعًا إلى مستقبل مشرق، لا أقول لمصرنا فقط، وإنما لكل شعوب العالم المتحضر، لينعم بالمدينة الحديثة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق