تستعد مصر لمرحلة جديدة في تاريخها السياحي والثقافي مع الافتتاح العالمي المرتقب للمتحف المصري الكبير بالقرب من أهرامات الجيزة يوم السبت المقبل، والذي يتوقع أن يسهم في رفع عدد السياح إلى نحو 30 مليون زائر سنويًا بحلول عام 2028، وفقًا لتقرير نشرته مجلة "ناشيونال جيوجرافيك ترافلر" في عددها الصادر لشهر نوفمبر 2025.
والمتحف العملاق، الذي يُوصف بأنه أكبر مؤسسة في العالم مكرَّسة لحضارة واحدة ، يمتد على مساحة تقارب 872 ألف قدم مربعة، ويضم عشرات الآلاف من القطع الأثرية التي تجسد التاريخ المصري القديم عبر 12 قاعة عرض رئيسية تُعرض فيها المقتنيات بطريقة تجمع بين الترتيب الزمني والموضوعي.
ومن المقرر أن يفتح المتحف أبوابه بالكامل في الأول من نوفمبر 2025 ، بحضور أكثر من 60 شخصية عالمية من الملوك ورؤساء وكبار المسئولين من جميع أنحاء العالم، بعد أكثر من عقدين من التخطيط والإنشاء وسلسلة من التأجيلات التي فرضتها الاضطرابات السياسية والأزمات الاقتصادية وجائحة كوفيد-19، إلى جانب التوترات الإقليمية الأخيرة التي أدت إلى تأجيل موعد الافتتاح الرسمي الذي كان مقرراً في يوليو الماضي.
وأشارت المجلة إلى أنه من المنتظر أن يكون هذا الافتتاح أكبر حدث ثقافي عالمي في العقد الحالي، إذ سيُعرض للمرة الأولى في مكان واحد كامل كنوز الملك توت عنخ آمون الذهبية التي يبلغ عددها نحو 5,000 قطعة منذ اكتشاف مقبرته الشهيرة عام 1922.
وأبرز التقرير ، في مجموعة من الصور الرائعة من داخل المتحف ، كيف أن تجربة الزائرين تبدأ عبر الدرج الضخم الذي تصطف على جانبيه تماثيل وآثار مصرية مهيبة، ينتهي بإطلالة بانورامية على أهرامات الجيزة من خلال نوافذ زجاجية تمتد من الأرض حتى السقف، ما يجعل الزيارة تجربة ثقافية وبصرية فريدة.
وأشار إلى أن جولات محدودة داخل المتحف كانت قد بدأت في عام 2023 داخل القاعة الكبرى للمتحف، التي تضم تمثال الملك رمسيس الثاني البالغ عمره 3,200 عام، تلاها افتتاح جزئي في أكتوبر 2024 ، شمل معظم القاعات، باستثناء مقتنيات توت عنخ آمون والمراكب الشمسية الملكية التي نُقلت من المتحف المجاور للهرم الأكبر بعد إغلاقه عام 2021.
أما المتحف المصري القديم في ميدان التحرير، فسيواصل دوره الثقافي مؤقتًا، إذ بدأت بعض قاعاته تُستخدم في المؤتمرات والفعاليات الثقافية، بينما لم تُعلن الحكومة المصرية بعد عن خطط نهائية لمستقبله، في وقت يرى بعض خبراء الآثار أنه قد يُعاد توظيفه في أغراض علمية وثقافية مختلفة، بحسب التقرير.
ويأتي افتتاح المتحف الكبير ضمن خطة تطوير شاملة لمنطقة أهرامات الجيزة بدأت عام 2009، وتشمل مركزًا جديدًا للزوار ونظام حافلات كهربائية حديثة للتنقل بين المعالم الأثرية، بهدف جعل الزيارة أكثر راحة واستدامة، إلى جانب مشروع لإعادة تنظيم المداخل وتطوير الخدمات السياحية المحيطة بالموقع.
وتتوقع "ناشيونال جيوجرافيك" أن يشكل الافتتاح دفعة قوية للسياحة المصرية، إذ يتزامن مع بداية الموسم السياحي الشتوي في ربوع مصر عندما يكون الطقس أكثر اعتدالًا.
وتشير التقديرات إلى أن مصر، التي استقبلت 15.7 مليون سائح في عام 2024، تسعى إلى رفع العدد إلى 30 مليون سائح سنويًا بحلول عام 2028 ، بفضل الزخم العالمي الذي يرافق هذا الصرح الحضاري الفريد، والذي من المتوقع أن يصبح أحد أهم المقاصد السياحية والثقافية في العالم.
وتعقيبا على الزخم العالمي المتوقع من افتتاح المتحف، نقل التقرير تعقيب وزارة السياحة والآثار المصرية بأن الإفتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير يمثل "نقطة تحول في مسار السياحة الثقافية المصرية"، مؤكدة أن الدولة تعمل على تعزيز البنية التحتية والخدمات السياحية في منطقة الجيزة بما يتناسب مع حجم الحدث وأهميته العالمية.
وأضافت الوزارة أن الافتتاح يأتي في إطار رؤية مصر 2030 التي تستهدف جعل البلاد مركزًا عالميًا للسياحة الثقافية والتراثية، مشيرةً إلى أن الإقبال المتوقع من الزائرين الدوليين يعكس ثقة العالم في المقصد المصري واستقرار قطاع السياحة رغم التحديات الإقليمية والدولية.


















0 تعليق