في دراسة جديدة تمت في مختبر مخصص لمحاكاة ظروف كوكب المريخ، تم الكشف عن ظاهرة غامضة توسع من فهم العلماء لتضاريس هذا الكوكب الأحمر.
هذه الظاهرة، التي حيرت الباحثين لأكثر من خمسة وعشرين عامًا، تمثل اكتشافًا هامًا في علم الجيولوجيا الكوكبية.
تجربة محاكاة المريخ
قام فريق من الباحثين في مختبر يُعرف باسم "غرفة المريخ" بإنشاء بيئة مشابهة لظروف المريخ، حيث تتواجد هواء رقيق ودرجات حرارة منخفضة، بالإضافة إلى ضوء يحاكي إشعاع الشمس.
خلال التجربة، أسقط العلماء كتلًا من الجليد الجاف على منحدرات رملية بزوايا مختلفة. وتم تصوير كل لحظة بكاميرات عالية السرعة، مما أتاح لهم مراقبة سلوك الجليد الجاف في تلك الظروف.
كانت النتائج غير متوقعة، حيث عند المنحدرات الحادة، انزلقت كتل الجليد دون أن تترك أي أثر يُذكر. أما عند المنحدرات ذات الزوايا اللطيفة، بدأت الكتل تحفر طريقها في الرمال، مما أدى إلى انفجارات صغيرة من الغاز. هذه الانفجارات كانت كثيفة بما فيه الكفاية لدفع الرمال وترك أخاديد متعرجة تشبه تلك التي تم رصدها على سطح المريخ.
كيف تحدث هذه الظاهرة؟
توضح الأبحاث أن الجليد الجاف، كونه شبه شفاف، يسمح لأشعة الشمس بالتغلغل إلى الأسفل، مما يؤدي إلى تسخين الرمال تحت الجليد. وعندما تصل الحرارة إلى نقطة معينة، يبدأ الجليد في التحول مباشرة من الحالة الصلبة إلى الغازية.
نتيجة لذلك، يتراكم الضغط تحت الكتلة الجليدية حتى ينفجر الغاز فجأة، مما يدفع الرمال ويخلق أخاديد منقوشة بوضوح.
عندما قام العلماء بمحاكاة ظروف المريخ وجاذبيته في نموذج رقمي، وجدوا أن كتلًا بسمك متر واحد من الجليد يمكنها قذف الرمال لمسافات تصل إلى 13 مترًا.
هذه العملية تفسر بدقة الصور التي التقطتها المركبات المدارية للمريخ، وتوضح سبب ظهور الأخاديد فقط على المنحدرات ذات الحبيبات الدقيقة والتي تسمح بحدوث التسامي والانفجار بكفاءة أكبر.
دورة موسمية مذهلة
يتسم الغلاف الجوي للمريخ بتركيبته الغنية بثاني أكسيد الكربون، مما يؤدي إلى تراكم طبقة من الثلج الجاف في الشتاء تصل إلى سمك 70 سنتيمتراً. ومع بداية الربيع، تبدأ هذه الطبقة بالذوبان والتبخر، مما يتيح للكتل الجليدية الانزلاق من القمم تاركةً آثارها الفريدة في الرمال.
تقول الباحثة لونِكه رولوفز: "عندما ترتفع درجة الحرارة، تنفصل الكتل من الجوانب المظللة للكثبان وتبدأ بالانزلاق... ومن هنا تبدأ الحكاية!"
في النهاية، هذه الأخاديد الغامضة التي تم رصدها لأول مرة في عام 1999، والتي كانت تبدو كآثار لمياه جارية، قد أثبتت التجارب الجديدة أنها ناتجة عن انفجارات بسبب تبخر الجليد. هذه الدراسات تفتح الأفق لفهم أفضل لتضاريس المريخ وإمكانياته المستقبلية، وتؤكد على أهمية البحث المستمر في الكواكب الأخرى.


















0 تعليق