الأطفال.. "العمر لحظة" - الفجر سبورت

الأسبوع 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
الأطفال..

تهاني تركي

تهاني تركي

ذات يوم ومنذ سنوات بعيدة كنت أجري لقاءً صحفيًّا مع إحدى الشخصيات المسئولة بقطاع التعليم فى دولة عربية شقيقة، وبعد انتهاء التسجيل تطرقنا إلى الحديث عن بعض الأمور الاجتماعية، وقتها حكت لى عن حادث كاد يودى بحياة ثلاثة أطفال تركتهم أمهم بمفردهم فى المنزل لولا ستر الله، وتدخل المارة لإنقاذهم، وفى التفاصيل سألتني مندهشة: كيف تُقدم أم على ترك صغارها معتمدة على أن الأبواب والنوافذ محكمة الغلق؟ التحقيقات كشفت عن أن الأطفال كانوا يقلدون لعبة عيد الميلاد فأشعلوا النيران فى الشمع، الذى امتد إلى بعض الألعاب الأخرى، فما كان من الأخ الأكبر الذى لم يتجاوز العشر سنوات إلا أن قام بحملها وإلقائها تحت السرير حتى تنطفئ، وبالتالي امتدت ألسنة اللهب إلى كافة أرجاء الغرفة، ومع صريخ الأطفال، وكانت شقتهم فى الطابق الأرضي، تجمع المارة وكسروا النوافذ المحاطة بسياج حديدى، وأنقذوا الأطفال.

تذكرت هذه القصة التى لم تغادر ذاكرتي برغم مرور تلك السنوات، عند سماعي عن الحادث الأليم الذى أودى بحياة طفلين فى مدينة دمنهور بعد سقوطهما من الطابق العاشر فى إحدى البنايات، وفى التفاصيل أيضًا أن الأم أحكمت غلق النافذة بقفل، وكذلك باب الشقة، وتركت الطفلين وحدهما فى المنزل، وأنهما كانا يحاولان، أثناء اللهو، القفز من الشباك إلى البلكونة، فانزلقت قدم الطفل الأكبر ذى السنوات التسع، وحاول شقيقه الأصغر ذو الخمس سنوات إنقاذه، وظل معلقًا فى النافذة لمدة عشر دقائق قبل أن يسقط هو الآخر من الطابق التاسع، بعد أن فشل الجيران والمارة من اقتحام الشقة، وفتح بابها حيث كان مغلقًا بإحكام.

التحريات أكدت أن والدة الطفلين كانت تتواجد في منزل والدها البالغ من العمر 74 عامًا وقت وقوع الحادث حيث كانت تعد له الطعام، وتقوم برعايته، وقالت في أقوالها إنها أغلقت الشباك بالقفل، وباب الغرفة بالمفتاح قبل مغادرتها حرصًا على سلامة طفليها.

للأسف تعتمد بعض الأمهات على فكرة أن الطفل يستطيع البقاء بمفرده فى البيت، وتثق بوعيه فى الحفاظ على أخوته، دون أن تدري أن الطفل مهما بلغ وعيه الظاهري يبقي عقله عقل طفل، ويتصرف برعونة قد تعرضه للخطر، ما لم يكن هناك من يتابعه، ويحاوطه برعايته فى كل تصرفاته.

بالطبع ندعو للأم المكلومة بالصبر، وأن يربط الله على قلبها، وبالتأكيد هى لم تكن تعلم أن سوءًا سيحدث لطفليها، وتعاملت بحسن نية واعتقدت أن الأبن الأكبر عاقل وأنها اتخذت الإجراءات الكافية، وأغلقت النوافذ والأبواب وبالتأكيد لا نلوم عليها فى مصابها الأليم، ولكننا ندق ناقوس الخطر، لأن هناك من تترك الأطفال وهم نيام، وتذهب إلى العمل يوميًا وليس مجرد قضاء مشاوير سريعة، وهناك أيضًا ممن تترك الأطفال يتعاملون مع المصاعد فى العمارات بمفردهم، دون أن تدري حجم الخطورة التى ستحدث لهم إذا ما انقطع التيار الكهربائي، أو تعطل المصعد لأى سبب.

الأطفال غالبًا تصرفاتهم متهورة، وغير محسوبة العواقب، ويفاجأ الآباء حتى أثناء تواجدهم بتصرفات غير متوقعة على الإطلاق، فالطفل يحب التجريب والاستكشاف، وليس أدل على ذلك من أنه يحاول العبث بفيش الكهرباء، وخلافه، وفى لحظة قد يحدث ما لا تحمد عقباه، فعمر الطفولة لحظة إذ لم ننتبه للخطر، والأمومة مسئولية كبيرة يجب ألا نتهاون فى تحملها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق