قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن من مراتب الضيافة والتيامن فيها سنة نبوية ثابتة، مستدلًا على ذلك بما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: «أتانا رسول الله ﷺ في دارنا هذه فاستسقى، فحلبنا له شاة لنا، ثم شببته من ماء بئرنا هذه، فأعطيته وأبو بكر عن يساره، وعمر تجاهه، وأعرابي عن يمينه، فلما فرغ قال عمر: هذا أبو بكر، فأعطى الأعرابي فضله، ثم قال: الأيمنون الأيمنون ألا فتيامنوا.. قال أنس: فهي سنة، فهي سنة، فهي سنة».
وأوضح جبر، خلال فتوى له، اليوم السبت، أن الحديث الشريف يجمع بين أدب الضيافة وتواضع النبي ﷺ، حيث زار خادمه أنس بن مالك في بيته، وشرب من بئره، مبينًا أن في ذلك درسًا بليغًا في التواضع والكرم النبوي، إذ لم يكن النبي ﷺ يرى في زيارة خادمه انتقاصًا، بل تشريفًا له.
وبيّن أن أنسًا رضي الله عنه كان يذكر التفاصيل الدقيقة — مثل قوله «دارنا» و«بئرنا» و«شاتنا»— تشرفًا بما مسّه النبي ﷺ، لأن كل ما تعلّق بالحبيب المصطفى صار مباركًا.
وأشار الشيخ جبر إلى أن خلط اللبن بالماء الذي فعله أنس رضي الله عنه كان لزيادة الكمية وتبريده، وهذا جائز إذا كان للشرب، لا للبيع، لأن البيع بالماء يكون غشًّا محرّمًا.
وفي ترتيب الضيافة، قال جبر إن النبي ﷺ بدأ بنفسه لأنه هو من طلب الشراب، ثم أمر أن يُعطى الأيمن، رغم وجود أبي بكر رضي الله عنه على يساره، مبينًا أن هذا تأكيد نبوي على فضل جهة اليمين في كل الأمور.
وأكد الدكتور يسري جبر، أن هذا الموقف النبوي جمع بين الأدب، والتواضع، والبركة، وأصل التيامن، وأن قول أنس «فهي سنة» ثلاث مرات دليل على تأكيد اتباع هذا الهدي النبوي في كل مجلس وضيافة.


















0 تعليق