بين الحين والآخر، وكلما رأيت (دون تعمُّد) مشهداً من مسلسل أو فيلم حديث، أتذكر أغنية بثت عبر الإذاعة في أواخر الخمسينيات تُجسِّد مشهداً بين أم وابنتها تقول:
" يامه القمر ع الباب نور قناديله.. يامه أرُد الباب ولا أناديله "
وتقطع الفتاة الطريق على أمها في محاولة لإقناعها بفتح الباب لِمَن أطلقَت عليه (القمر) فتقول:
"معدش فيها كسوف.. يامه اعملي معروف.. قومي افتحي له الباب ".
في هذه الأغنية أعلنت الابنة أنها لم تَعُدْ تخجل من شيء مادام مشروعا.. إذ طلبت من أمها أن تفتح الباب للخطيب الذي خَفَق قلبها بحبه (مسبقاً) فقد أتى ليطلب يدها.. فاستجابت الأم وقامت بفتح الباب، ولم تكن تدري أنها لن تتمكن من غلقه مرة أخرى وأن الأمور ستصل إلى ما وصلت إليه الآن من جرأة وتجاوز لحدود الحياء والخجل.. فاستسلمت بعض الأمهات المِصريات أمام الأبواب المفتوحة.. وانهارت في مواجهة التيار الجارف القادم من الغرب حاملاً معه أفكاراً مسمومة، وممارسات عجيبة مخرّبة للدِّين والعقيدة. بل لحياة الأسرة والمجتمع الذي يحرص على نقائها وطهْرِها وخلوها من الابتذال..
ومن آثار ذلك التيار الجارف ما وصلنا إليه الآن. فقد فتحت القنوات الفضائية الباب أمام كل مدعٍ لتحرر المرأة، أن يهرِف بما لا يعرف، وأن يتحدث دون حياء أو خجل، ودون التزام بدين أو خلق ما دام حديثه واختلافه يحقق مشاهدة تعود علي القناة بمالٍ وفير.
*وعلي جانبٍ آخر من مظاهر سوء الخلق، وفُحشِ الطِّباع المكتسبة ما يبث من فنٍ هابط، وإعلامٍ منفلت، فالمسلسلات والأفلام تتسابق في عرض عُري الممثلات مما يُخشى منه على الطبقات الفقيرة من تقليدهن وإشاعة التعري الفج في الشوارع والأماكن العامة.
كما شَهِدَت مصر مؤخراً صوراً للجريمة بأشكال متعددة يَنْدىٰ لها الجبين. بعضها يخرج عن أُطُر الحياء وحدود الأدب، إذ وصل الحال إلي تحرُّشِ الشباب بالفتيات علانية، وبعضها يوصَفُ بالبشاعةِ والتجرد من الإنسانية، كجرائم القتل جهاراً نهاراً أمام الناس بلا رحمةٍ، ولا خوفٍ من عقاب.
* لذلك ندُقُ الأجراس، وننبِّهُ إلي أن الداخل المصري يحتاج الى نظرة.
* الإنسان تتسرَّب من داخله الإنسانية ليتحول إلى كائن غريب.
* يا سادة: ما قيمة أن نكْسَب الخارج ونخسر الداخل؟
* الأدب والحِشْمَة ليسا تَخلُّفاً ولا تزمُّتأ ولا تقييداً للحُريَّة، بل احتراماً للنفس ولمشاعر الناس.
دعوة إصلاحية بضرورة الاهتمام بالتربية المنزلية السوية، والتربية المدرسية الملازمة للعلم، المتحضرة سلوكيا، و توعية دينية تزيد الالتزام والتمسك بالقِيَم والأخلاق.
كما أودُّ تحذير المتفذلكين و مُدَّعي التنوير والتحرر من الحديث فيما يخرب العقول، والابتعاد عمَّا يَمسُ العَفاف، والحياء الفطري عند السيدات والفتيات. دعوهم بما لديهم منه.
وأخيرا لمقدمي البرامج والمسلسلات: اتقوا الله فيما تقدمونه للناس. فالحياء شعبة من الإيمان..
0 تعليق